✍ أحلام محمد الفكي : سباق مع الزمن ؛ خطة طوارئ وطنية لإنقاذ السودان من غضب السيول والأمطار

منذ شهر يونيو الماضي، بدأت تحذيرات خبراء الأرصاد الجوية تتردد في الأجواء السودانية، لتنذر بخريفٍ قادم قد لا يكون ككل الخريف. توقعات بهطول أمطار تفوق المعدلات الطبيعية بكثير، بدءًا من يونيو الماضي، ليست مجرد أرقام تُقرأ في نشرة جوية، بل هي نذير قلق حقيقي، يحمل في طياته ملامح كارثة إنسانية وبيئية محتملة، قد تزيد الطين بلة على واقعٍ سوداني مثقل بالجراح.
تخيلوا للحظة، مواطنًا سودانيًا يصارع للبقاء على قيد الحياة تحت وطأة الحرب، يفقد مصدر رزقه يومًا بعد يوم، ويعاني من شحٍ في الغذاء والدواء. هذا المواطن نفسه، الذي بالكاد يجد مأوى آمنًا، يواجه الآن خطرًا محدقًا آخر يتمثل في الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي قد تدمر ما تبقى له من منزل هش، وتُعرضه لخطر الأمراض والأوبئة التي تزدهر في أعقاب الفيضانات. إنها معادلة صعبة،
بل مستحيلة في ظل الظروف الراهنة، حيث أن قلة الدخل التي يعاني منها غالبية السودانيين تجعل من الاستعداد لمواجهة هذا الخريف الكارثي عبئًا إضافيًا لا يقدرون عليه.
هنا، يتجلى الدور الحيوي للحكومة والمنظمات الإنسانية. النداء العاجل الذي أطلقه خبراء الأرصاد يجب أن يُقابل بتحرك فوري وفعال على أرض الواقع. إن اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذه الظروف المناخية القاسية لم يعد رفاهية، بل ضرورة مُلحة لإنقاذ الأرواح وحماية ما تبقى من مقومات الحياة. إن مراجعة كوارث الخريف والفيضانات التي ضربت السودان في السنوات الماضية يجب أن تكون حاضرة في الأذهان، لقد شهدنا جميعًا حجم الدمار والخسائر التي خلفتها تلك الكوارث، فكيف سيكون الوضع هذا العام، والبلاد تعاني أصلًا من نزيف الحرب وتداعياتها؟
الخطوة الأكثر أهمية، التي يجب أن تُتخذ الآن وفورًا، هي تفعيل خطة طوارئ وطنية متكاملة وفورية لمواجهة تداعيات هذا الخريف. وتتضمن هذه الخطة:
الإنذار المبكر والتحذير الفعال: لا يمكن لأي خطة أن تنجح دون أن يعرف المواطن العادي ما سيحدث وكيف يتصرف. يجب تفعيل كل قنوات الاتصال الممكنة – الإذاعة، التلفزيون، الرسائل النصية، ومنظمات المجتمع المدني – لنشر تحذيرات واضحة ومبسطة وفورية حول المناطق المعرضة للخطر.
التخطيط المُحكم لتقليل الأضرار: يجب على الجهات المعنية تقديم الدعم والإغاثة وتوفير الموارد اللازمة لمساعدة المتضررين قبل وقوع الكارثة وبعدها.
توعية المواطنين: تقع المسؤولية أيضًا على عاتق المواطنين أنفسهم ليكونوا على قدر عالٍ من الوعي واليقظة، وأن يبادروا قدر استطاعتهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة.
إن الخطر المحدق بفصل الخريف ليس مجرد توقعات جوية، بل هو تهديد حقيقي قد يضاعف من معاناة شعب لم يلتئم بعد من جراحه. لذا، فإن الخطوة الأكثر أهمية هي التحرك الآن، بكل ما أوتينا من قوة وإمكانيات، لضمان أن يكون هذا الخريف موسم نجاة لا موسم دمار. فهل سيتكاتف الجميع لتجاوز هذه المحنة الجديدة، والخروج منها بأقل الخسائر؟
نسأل الله أن يكون غيثًا نافعًا غير ضار.