✍ راشد عبد الرحيم : إشارات ؛ لصوص الثورة
تمر اليوم ذكري ثورة أكتوبر التي غيرت حكم الفريق إبراهيم عبود .
كانت ثورة سادتها الأناشيد والأهازيج من شعراء و مطربي اليسار و علي رأسهم الفنان محمد وردي و الذي أنشد
( أصبح الصبح و لا السجن و لا السجان باق ) .
لم يكن في السجن محبوس و لم يعتقل الفريق عبود مواطنين و لكنه حكم اليسار و أناشيد اليسار التي حولت الأكاذيب إلي حقائق .
الذين سقطوا في أكتوبر طلاب من جامعة الخرطوم لم يتحركوا خارجها و لم يدخلوا السجون .
اكتوبر حركها اليمين و هو الذي سعي فيها و حرض المواطنين حتي سقط الحكم و كان بارزا من رموزهم الدكتور حسن الترابي و الندوة الشهيرة التي تحدث فيها و كانت عن جنوب السودان ثم تحرك إتحاد الطلاب بقيادة الإسلاميين و علي رأسهم ربيع حسن أحمد رئيس إتحاد الطلاب حينها .
لم يكن لليمين أصوات من الشعراء و المغنين يستطيع بهم مخاطبة الجماهير الأمر الذي أتاح لليسار أن يسرق جهدهم و مواقفهم .
توفر لليسار السوداني عدد من الشعراء و المطربين يحسنون قرض الشعر و تأليف القصائد و تلحينها و لكنها لم تكن تحكي حقيقة و لا وقائع و لكنها أشعار أجادت التعبير المثير و حركت الناس .
( باسمك الشعب إنتصر
حاجز السجن إنكسر
و القيود إنسدلت
جدلة عرس في الأيادي )
لم يكن في السجن من هو فيه بسبب ممارسة سياسية و لا من عمل مناهض للحكم و كل الذين تحركت الثورة في أكتوبر بهم هم طلاب من جامعة الخرطوم و من أصيب منهم أصيب في ساحات الجامعة .
لم يكن حكم عبود كما صوره اليسار بالحكم الفقير للإنجاز و المتسلط بل كان حكما منجزا و منتجا في الكثير مما يحتاجه المواطن و الوطن .
تمكن حكم عبود من إنشاء العديد من المصانع و التي توزعت في كل السودان من كريمة قي شماله و إلي مصنع ملوط و بينهما مصنع بابنوسة و المناقل و الجنيد .
تمكن حكم عبود من بناء العديد من المدارس و المستشفيات و الطرق .
إستطاع حكم عبود أن يبني علاقات خارجية واسعة و عديدة و زار الفريق عبود الدول الكبري من روسيا و إلي يوغسلافيا و بريطانيا و أمريكا .
الذي أنجزه الحكم العسكري لعبود تفوق علي حكم الأحزاب في كل الفترات التي حكمت فيها .
تمكن اليسار عبر قدراته الشعرية و أناشيده المعبرة من تغيير الحكومات متجاهلا ما يحتاجه المواطن و الوطن من أعمال ينمي بها قدراته في الصناعة و الزراعة و التعليم و الصحة .
سعي اليسار ليسقط الحكومات ليسيطر علي الحكم و ليكون الأكثر تسلطا و هو من تمتلئ في عهوده السجون و من يتوقف إنشاء المصانع و بناء المدارس و توسع الزراعة .
لا يكترث اليسار لحاجة الناس بل يسعي لتحقيق مطامعه و لا يهم عنده ما يصيب الوطن .
كانوا في عهد عبود شركاءه في برلمانه ثم هم من ينقلب عليه في أكتوبر .
لا يزالون في عمايتهم و تأجيجهم للناس بأكتوبر و به يريدون العودة حكاما بإسم ثورتهم المتوهمة و المسماة بشهر أبريل ثم من بعد ديسمبر .
قال شاعرهم
( و إذا الأولي حملوا لواء اكتوبر .
عادوا الغداة و فجروا أبريلا )
في أبريل ظلوا شركاء في الحكم حتي لفظهم و ظل حمدوك في منصب رئيس الوزراء إلي أن إستقال طواعية لم يعترضه أحد و ظلت أحزابهم تدعي أن ثمة إنقلاب ثاروا عليه في ديسمبر .
تعودت أحزاب اليسار علي الخنوع للدكتاتوريات و بعد أن شاركوا الحكم كل من عادوا و وصفوه بالديكتاتورية من عبود و إلي نميري و إلي الإنقاذ .
لم تتوقف أحزاب اليسار من السعي للحكم و شاركت حميدتي و ناصرته إلي يومنا هذا و يعملون اليوم ليستعيدوا ثورة ديسمبر كما يدعون .
السودان بعد تجربة مريرة من الحرب ليس هو السودان الذي يرضخ لحكم البندقية و لاعوان و سدنة من يحملون البندقية و لن يحكم تحالف قبيلة الدعم السريع و طلاب الحكم من أحزاب فشلت دوما في الحصول علي تفويض برلماني لتحكم به السودان .


