رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ عزمي عبد الرازق : الوعي في مواجهة الإغراق الجنجويدي ؛ لن تسقط الفاشر

في هذه المرحلة الحاسمة من معركة الكرامة تُكثف غرف عمليات المليشيا وأبواقها الإعلامية حملة إغراق منظمة على المنصات الرقمية، هدفها ليس نقل الحقيقة، بل إحداث شرخ نفسي عميق وزعزعة ثقة الشعب في قواته المسلحة، من خلال تكتيك الإغراق المُضلل.

هذا التكتيك، الذي يعتمد على سيل جارف من الصور والفيديوهات والأخبار المفبركة والمحتوى المعدّل بالذكاء الاصطناعي، صُمم خصيصاً ليجعل التمييز بين الصادق والكاذب أمراً شبه مستحيل، وليُنشئ "قابلية تصديق" لأي رواية، خصوصاً تلك التي يروج لها الجنجويد وأعوانهم. وقد أُعدّت لهذه المهمة منذ صباح الغدر شخصيات مثل عمر جبريل والجوفاني وحافظ كبير والفاضل منصور، بالتزامن مع إطلاق منصّات بأسماء قادة المليشيا وصورهم، ومنصات أخرى تنشط فيها كوادر من المؤتمر السوداني وحزب برمة ناصر.

مؤخراً، تولت قنوات إقليمية – مثل سكاي نيوز والعين وبعض الصفحات الخليجية– مهمة التضليل نفسها، مستخدمة محتوى جاهز كمقاطع استجواب الأسرى تحت الإكراه لانتزاع معلوماتٍ زائفة، ولقطات معدلة بالفوتوشوب، وإطلاق الشائعات في إطار الحرب النفسية التي تخدم مشروع الغزو الإماراتي للأراضي السودانية.

المؤكد أن المعارك الأخيرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجري في واشنطن، كما ارتبطت من قبل بالهدن الإنسانية لمفاوضات جدّة، التي سمحت لقوات حميدتي بالتمدد والحصول على أسلحة جديدة وفتح مسارات إمداد إضافية. لذلك تلاحظ أن الرباعية تركز حالياً على وقف إطلاق النار، وتقصد به الجيش لا المليشيا. بخلاف ذلك فإن ما يحدث في دارفور وكردفان لا ينفصل عن التكتيك القتالي المرن الذي يتبعه الجيش، ولا عن الظروف الإنسانية التي تعيشها الفاشر، وربما لا ينفصل ما حدث في بارا مؤخراً عمّا يجري حالياً في الفاشر أيضاً، وهو ما يصعب تأكيد حقيقته قبل نهاية المعارك، يمكنكم العودة إلى ملابسات ما حدث في مدني والهجوم على الأبيض.

ليس صحيحاً أن الفاشر سقطت، ولا أن بارا انتهى أمرها، فهنالك عمليات عسكرية لا تزال جارية، لكن الأهم الآن هو الحذر الشديد مما تنشره منصات الجنـ.جويد التي تضخّم الأحداث وتختلق الأكاذيب، حتى بلغ بها الأمر الحديث عن أسر قائد الفرقة والعودة إلى الخرطوم، وهو أمر لن يحدث إطلاقاً، فالخرطوم غُدِر بها من الداخل ولم تُحتل، وكذلك الفاشر، إذ كانت قوات المليشيا موجودة داخلها منذ البداية، لكنها بعد أكثر من ٢٦٠ هجوماً وآلاف القتلى ما تزال تقاوم.

واجبنا اليوم هو اليقظة القصوى، وصناعة الفعل الإيجابي، وحماية الرأي العام بصلابة من هذه الحرب النفسية الشرسة، فنحن ندرك أننا نعيش المراحل النهائية من المعركة، وأن موازين القوة تتبدّل بفضل التكتيكات الميدانية الجديدة التي تتبناها قواتنا المسلحة.

النصر قادم لا محالة، لكنه يحتاج إلى صبر استراتيجي، فثمة تحوّل كبير ربما يتشكّل على الأرض، ولن يكون حدثاً سريعاً أو عابراً.

رسالتنا القاطعة، اليوم وغداً، كلّنا ثقة في جيشنا وشعبنا البطل المُعلّم.