رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

أسبوع دامي .. الفاشر وبارا عندما يواجه الأبرياء أبشع حروب الإبادة

في مشهد يعيد إلى الأذهان أبشع صفحات التاريخ الإنساني، نفذت مليشيا الدعم السريع الإرهابية المملوكة لأسرة آل دقلو إعدامات ميدانية واسعة في مدينتي الفاشر وبارا، راح ضحيتها آلاف المدنيين العزل، في واحدة من أبشع جرائمها الدموية منذ اندلاع تمردها على الدولة.

وتؤكد تقارير أممية أن نحو أكثر من 2000 مدنيا قُتلوا خلال الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن هذه الأرقام قد لا تعكس الحجم الحقيقي للمأساة بسبب ضعف المعلومات الواردة من المدينتين.

الفاشر.. حصار طويل إنتهى بمجزرة

بعد أن نفذت المليشيا طوقا حول الفاشر لأشهر، دخلت المدينة في الأسبوع الماضي، لكن ما تلا ذلك الدخول لم يكن عاديا، بل مذبحة مفتوحة إمتدت من الأحياء السكنية إلى المستشفيات، كما وثق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء بلا حدود في تقارير متطابقة، أشارت إلى وقوع “فظائع ممنهجة” وعمليات قتل واسعة النطاق، بعضها صُوِّر وبُثّ على الإنترنت على يد منفذيها أنفسهم.

شهادات من قلب المأساة

إحدى الشهادات الموثقة روتها شقيقة أحد جنود الجيش المنسحبين لموقع إخباري أفادت فيها أن شقيقها ووالدتها قُتلا داخل المدينة، وأن أحد أصدقاء شقيقها أخبرها بأن مرتزقة المليشيا نفذوا عمليات إعدام ميدانية بحق المدنيين، قُتل فيها أكثر من 800 شخص خلال أيام قليلة.

وفي مشاهد بثتها وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر سفاحون من مليشيا الدعم السريع وهم يُذلون مدنيين قبل إطلاق النار عليهم مباشرة، بعد إجبارهم على تمجيد قادة المليشيا.

استهداف المرضى والأطفال

وبحسب شبكة أطباء السودان، تجاوز عدد القتلى في الفاشر 14 ألف مدني منذ بدء الحرب، بينهم 1,500 خلال ثلاثة أيام فقط.

وأكدت الشبكة أن المليشيا قتلت أكثر من 460 شخصًا داخل المستشفى السعودي للفاشر، بينهم مرضى وجرحى، بينما تحدثت تقارير عن عمليات قتل لعدد من المصابين داخل المستشفى ذاته.

وفي الأحياء الجنوبية من المدينة، خصوصا “الإنقاذ” و“العظمة”، تمت تصفية مدنيين بتهم “التعاون مع الجيش”، فيما اختُطف مئات الأطفال إلى أماكن مجهولة، وفق إفادات أقرباء وشهود.

فيما حذّرت منظمة اليونيسف في وقت سابق من أن نحو 130 ألف طفل ما زال مصبرهم مجهولا، واصفة الوضع بأنه “كارثي إلى حدّ يفوق الوصف”.

إدانة دولية وغضب واسع

الأمين العام للأمم المتحدة أعرب عن “بالغ القلق” إزاء التقارير المروعة الواردة من الفاشر، مندّدًا بـ“انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي”، من بينها القتل العشوائي والعنف القائم على النوع والقتل بدوافع عرقية.

وأكد المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، أن المدينة تعيش منذ أكثر من 18 شهرًا “كارثة إنسانية كاملة”، مطالبا بوقف تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، بعد تقارير أشارت إلى دور خارجي في تمويل وتسليح المليشيا تقوم به الإمارات ودول أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وفي بيان آخر، قالت وزارة الخارجية إن “المليشيا ترتكب جرائم قتل عنصري وترويع ممنهجة ضد المدنيين العزل، يوثقها مرتكبوها بفخر ووقاحة”.

مجازر موازية في كردفان

وفي مدينة بارا بولاية شمال كردفان، تكرّر المشهد الدموي.

فقد تلقت الأمم المتحدة تقارير عن إعدامات بإجراءات موجزة لمدنيين حاولوا الفرار، بتهم دعم الجيش.

وأكدت مجموعة محامو الطوارئ أن المليشيا شنت “هجمات واسعة استهدفت المدنيين بصورة مباشرة”، ترافقت مع “خطابات تحريضية خطيرة على القتل على أساس الهوية”، ما اعتبرته “تحريضًا مباشرًا على ارتكاب جرائم حرب”.

أجساد على الطرقات وصمت في العالم

وبحسب مرصد مشاد، تجاوز عدد ضحايا المجازر في الفاشر وحدها 1500 مدنيا في تقدير أولي، بينما تستمر عمليات القتل والتعذيب والاختطاف دون توقف.

وأشار المرصد إلى أن المليشيا “تجمع الفارين من مناطق العنف في أماكن مكشوفة وتعدمهم ميدانيا أمام أنظار العالم”، في مشهد يختصر مأساة ضمير العالم اليوم.

نداءات بلا صدى

دعت الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية المدنيين وتوفير ممرات آمنة للمساعدات، مؤكدين أن العاملين في المجال الإنساني لا يستطيعون الوصول إلى أصحاب الحاجة الحقيقية.

وقال المتحدث الأممي دوجاريك إن “المدنيين اليائسين يفرون نحو البلدات المجاورة بحثًا عن الأمان، لكن الطريق محفوف بالموت”، مضيفًا أن “الأخبار الواردة من المدينة مُرعبة بكل المقاييس”.

جروح لا تندمل..

وتظل الفاشر وبارا جروحا مفتوحة في جسد السودان النازف، بينما العالم يكتفي ببيانات القلق والتنديد والإستنكار.

وبينما تتكدس الجثث على الطرقات، لا يزال السؤال مؤلماً ومعلقا :

من سيحاسب هؤلاء المجرمون القتلة؟ ومن سينقذ ما تبقّى من إنسانية العالم؟