رؤية جديدة السودان

أحدث زخماً جماهيراً لافتاً في بورتسودان،، كامـل إدريس،، الالتحــام بالشعب.. تقرير : إسماعيل جبريل تيسو

-

تفقد دُور الإيواء، وجالس المواطنين، واحتسى القهوة في الشارع العام..

تعهد للنازحين بتحرير كامل الأراضي السودانية ليعودوا إلى منازلهم..

الجنرال معاوية: التلاحم الجماهيري يمنح الشرعية الحقيقية للمسؤولين في الدولة..

أحدث رئيس الوزراء السفير الدكتور كامل الطيب إدريس زخماً كبيراً ولافتاً خلال عطلة عيد الأضحية المبارك من خلال تحركاته الميدانية وسط الجماهير، وتنقله المباشر بين المواطنين في شوارع بورتسودان، وزيارة السوق، واحتساء القهوة في أحد المقاهي العامة، والجلوس إلى مجموعة من الشباب، حيث تحدث مع المواطنين وجهاً لوجه، واستمع إلى قضاياهم ومشاكلهم في الهواء الطلق، وكان رئيس الوزراء قد تفقد دور الإيواء ووقف عن كثب على هموم المواطنين الذين نزحوا إلى مدينة بورتسودان متأثرين بالحرب، وأكد إدريس اهتمام الدولة بقضايا المواطنين النازحين جراء اعتداءات ميليشيا الدعم السريع المتمردة على القرى والمدن، منوهاً إلى التضحيات الجسام التي تقوم بها القوات المسلحة والقوات المساندة لها من أجل تحرير وتأمين كامل الأراضي السودانية لتسهيل عودة المواطنين إلى منازلهم.

توجه جديد:

وبحسب مراقبين فإن هذا الحرك الميداني الذي أحدثه رئيس الوزراء، يعكس توجهاً جديداً نحو تعزيز العلاقة المباشرة بين القيادة التنفيذية والمواطنين بمنأى عن الوسطاء، وبعيداً عن الأساليب والنمط التقليدي للعمل التنفيذي بأن يقبع المسؤول داخل مكتبه فارضاً عزلة وهمية، ومنفصلاً عن واقعه، مما يخلق فجوة نفسية بينه وبين الجماهير، لقد أضفى حضور رئيس الوزراء في الأسواق والمرافق العامة، بُعداً شعبياً على كرسي رئيس الوزراء، وهي خطوة ذكية مشاها الرجل في مستهل مشوار تقلُّدَه مهام المنصب الرفيع، الذي يأتي تحت وطأة ظروف عصيبة وصعيبة تمر بها البلاد، وكأنما يحاول كامل إدريس أن يضع رسائل مهمة في بريد حكومته المرتقبة مفادها: ضرورة أن يجسِّد الوزراء القادمون المعنى الحقيقي للقيادة الميدانية بتغيير نسق الحكم وإدارة شؤون الدولة ودولاب العمل الحكومي من داخل المكاتب، والانتقال إلى التلاحم الموضوعي والمنطقي مع نبض الجماهير وملامسة همومهم ومشاكلهم عن قرب، وهي مبادرات مهمة ستكون لها انعكاسات إيجابية على رفع معدلات الثقة وحرية التعبير بين الحكومة والجماهير.

تفاعل وتفاؤل:

وأحدث التوجه الميداني الذي انتهجه رئيس الوزراء السفير الدكتور كامل إدريس، وتفقده للمواطنين في دور الإيواء، وتلاحمه مع الجماهير في السوق والشارع العام، تفاعلاً في التايم لاين، وحصد إعجاب الألاف من رواد وناشطي منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاءل الكثيرون بالخطوة وعدوها مفتاحاً لمرحلة جديدة في الحياة السياسية السودانية تقوم على الشفافية، والتواصل التلقائي والمباشر، والإحساس بالمسؤولية المشتركة من قبل القائمين على أمر الدولة تجاه قضايا الوطن، واعتبر البعض الخطوة بالمهمة والتي تعكس وعياً وإدراكاً حقيقياً من القيادة التنفيذية لأهمية إشراك الجماهير في صناعة القرار، لا سيما في ظل التحديات الراهنة التي تتطلب وحدة وطنية وتضافر جهود الجميع، معتبرين أن هذا الحراك سيشكل بذرةً لتحول حقيقي في العلاقة بين الحكومة والشعب، مطالبين بأن يستثمر الدكتور كامل إدريس في هذا التفاعل الجماهيري ويحوله إلى مشروع سياسي شامل يلبي تطلعات الشارع السوداني.

زخم " حمدوكي" ولكن:

الحراك الكبير والزخم الذي أحدثه دكتور كامل إدريس وسط الجماهير، أعاد إلى الأذهان ضراوة الحراك الثوري الذي كان قد حمل على أكتافه دكتور عبد الله حمدوك إلى كرسي رئاسة الوزراء، بيد أن حمدوك فشل في توظيف هذه الخاصية لصالح بناء الدولة المدنية التي تعلقت بها الأسماع والأبصار والأفئدة، بافتقاده إلى روح الحراك الميداني والتفاعل المباشر مع المواطنين الذين كانوا يهتفون باسمه ليل نهار " شكراً حمدوك" ذلك أن ما حصده حمدوك من تأييد ودعم ومؤازرة جماهيرية لم يُسجل في دفتر حضور أي سياسي أو مسؤول سوداني في العصر الحديث، ومع ذلك فقد أخفق الرجل خلال فترة ولايته في الاستثمار الناجع لهذه التفاعلية الجماهيرية في الوصول بثورة ديسمبر إلى غاياتها وبلورة مفاهيمها وشعاراتها واقعاً معيشاً يمشي بين الناس، ويردُّ الكثير من المراقبين هذا الفشل إلى شخصية حمدوك المهزوزة، وضعفه في اتخاذ القرار، ووقوعه فريسةً في مصيدة التجاذبات والخلافات داخل حاضنته السياسية تحالف قوى الحرية والتغيير " قحت"، لقد فشل حمدوك في إحداث أي حضور فاعل في ولايات السودان التي كانت تقع مسؤوليتها سياسياً عليه كرئيس وزراء، فأدى ذلك إلى خلق فجوة واضحة بين الحكومة والمواطنين في الولايات، ولعل الحضور اللافت الذي يُذكر لدكتور عبد الله حمدوك طوال فترة ولايته، كان في زيارته إلى مدينة كاودا معقل الحركة الشعبية في جبال النوبة.

ذكاء ونهج جديد:

ويصف الخبير العسكري العميد دكتور معاوية علي عوض الله أن التفاعل الجماهيري الذي أحدثه رئيس الوزراء الجديد السفير الدكتور كامل الطيب إدريس، بالخطوة الذكية والمدروسة والتي تمثل نهجاً جديداً للتقارب بين الحكومة والمواطن، وقال الجنرال معاوية دانيال في إفادته للكرامة إنه وبحكم وجوده في بورتسودان ظل متابعاً للحراك السياسي واللقاءات المكثفة التي يجريها رئيس الوزراء مع عدد من المؤسسات والشخصيات الوطنية، مما يعد تطوراً لافتاً يحكي عن نهج جديد في مقاربة السلطة التنفيذية للواقع السوداني، مبيناً أن إدريس لم يقف عند القوى السياسية والشخصيات الوطنية بل انتهز فرصة عطلة عيد الأضحى المبارك واقترب أكثر من المواطنين في الشوارع والأسواق والميادين العامة وهي خطوة تحسب لصالح الرجل، وأكد الجنرال معاوية أنه في الدول التي تمر بفترة انتقالية أو أزمات سياسية وأمنية عميقة كالذي يحدث قي السودان، لا يكفي أن يكون رئيس الوزراء إدارياً جيداً أو سياسياً محنكاً، بل الأهم أن يكون قريباً من نبض الشارع، متلاحماً مع الجماهير، حاضراً في الميدان لا في المكاتب فقط، وأكد الجنرال معاوية دانيال أن مثل هذا التلاحم الجماهيري من شأنه أن يمنح الشرعية الحقيقية، ويحول القرارات من حبر على ورق إلى مبادرات تنبع من الناس ولأجلهم.

خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر يبدو أن رئيس الوزراء الجديد السفير الدكتور كامل الطيب إدريس يمضي بخطىً واثقة ليُرسي نهجاً جديداً في الحكم يرتكز على الحراك الميداني والتفاعل الجماهيري، وهي خطوات مبشرة بدأت في بورتسودان ولكننا نتوقع انتقالها قريباً إلى بقية ولايات السودان فنشاهد رئيس الوزراء متجولاً في شوارع الدلنج، وباو، والدبة، والجبلين، والله كريم، وعدّ الفرسان وغيرها من بقاع السودان النائية والقصية، يخاطب المواطنين وجهاً لوجه، ويستمع إلى شكواهم، ويعالج مشاكلهم ميدانياً، مما يُعطي رئيس الوزراء قراءة منطقية وواقعية على الأرض لا توفرها له البيانات الرسمية أو التقارير المكتوبة، وقبل ذلك فإن هذا الحراك الميداني سيُكسب الرجل ثقةً والتفافاً شعبياً قادراً على الاستجابة لمعطيات ومطلوبات الحكومة وتمكينها من تنفيذ مهامها وسط تأييد حقيقي لا وهمي، وقديماً قيل "من لا يعرف آلام الناس، لن ينجح في علاجها".