رؤية جديدة السودان

✍ أحلام محمد الفكي : هواجس العودة إلى الخرطوم ؛ بين الحلم والواقع المرير

-

فى قلب كل سوداني يتربع حلم العودة إلى الخرطوم ، تلك المدينة التي كانت يوماً نابضة بالحياة، مركزاً للعمل، ومأوى للأسر، تحولت اليوم إلى طيف باهت يطارده شبح الدمار. نعم، الكل يحلم بالعودة إلى وطنه، إلى دياره، حتى لو افترش الأرض لينام واكتفى بكسرة خبز وقطرات ماء. لكن هذه الأحلام الوردية تتصادم بقسوة مع واقع مرير يصرخ: "لا حياة هنا!".

العاصمة المحطمة: غياب مقومات الحياة الأساسية

دعونا نواجه الحقيقة: مناطق شاسعة في الخرطوم، تلك التي كانت يوماً ملاذاً لموظفي العاصمة، تفتقر اليوم لأبسط مقومات الحياة. نقطة ماء واحدة لا توجد في بعض الأحياء! ناهيك عن الكهرباء، التي أصبحت تعتبر رفاهية لا ضرورة، ويمكن التعايش بدونها. لكن الماء؟

إنه شريان الحياة، فكيف لموظف أن يعود لعمله، وكيف لأسرة أن تستقر في مكان لا يوجد فيه ماء للشرب؟

موظفون بين نارين: العودة المستحيلة والتكاليف الباهظة

الموظف الذي يتلقى اليوم مبلغاً رمزياً لا يتجاوز مائة ألف جنيه شهرياً، وهو مستضاف حالياً لدى أهله وأقربائه، كيف له أن يعود؟ من أين يأتي بثمن تذكرة العودة؟

وكيف سيعود إلى عمله وبيته قد تحول إلى ركام؟

إنها أسئلة تدمي القلب. هل يُعقل أن يُطلب من موظف لا يملك ثمن إيجار منزل بسيط، ولو في أطراف أم درمان أو شرق النيل حيث قد يتوفر الماء، أن يعود ليجدد وطناً دُمّر؟

من أين له بقيمة الإيجار ليوفر لعائلته على الأقل مأوى به ماء؟

نداء إلى ولاية الخرطوم:

هل من استجابة؟

نحن أبناء هذا الوطن ندعم العودة إلى الخرطوم والبدء في عملية الإعمار منذ زمن بعيد. لكننا نتساءل، والحال يغني عن السؤال

هل حصرت ولاية الخرطوم موظفيها داخل السودان وخارجه؟؟؟؟

هل نسقت مع المبادرات والمنظمات لتذليل الصعاب وعودة موظفيها إلى العمل؟

هل تدرك ولاية الخرطوم أن هناك من موظفيها من يعانون الأمرين، بين التشرد وقسوة الظروف؟

هذا النداء مرفوع إلى ولاية الخرطوم الموظفون ينتظرون العودة بفارغ الصبر، ويطمحون للمساهمة بقوة في إعمار الوطن. فقط يسّروا لهم سبل العودة!

إذا كانت منطقة بأكملها لا يتوفر فيها ماء الشرب، فكيف للموظف أن يستطيع تأمين حياة كريمة لأسرته؟

إنها هواجس العودة وما يلتف حولها من صعاب وعقبات. نقولها بكل صدق: نحن مع العودة اليوم قبل الغد. ولكن... هل من سبيل لعودة كريمة، تليق بإنسان أراد أن يعود ليعيد بناء وطنه؟

وبالله التوفيق ...