رؤية جديدة السودان

✍ محمد حامد جمعة نوار : الطنبور في نسخته السودانية

-

ذات مساء بمطار نيروبي . وضمن سوانح انتظار يحذقها اهل كنياتا مع ضيوفهم .وظفت زمني لتجوال على بعض المساحات المخصصة لمتحف او معروضات من تراثهم وتاريخهم . تفرست في جاموس منحوت من الابنوس علا انفه زبد لا أعرف كيف جلبه النحات . ولاحظت كثافة اللون الأحمر المميز لاردية الماساي . ثم تسمرت أمام (طنبور) يبدو أنه عريق وموروث .إذ كان مثل طائر محنط في متحف للتاريخ الطبيعي . دققت فلمحت ثلاثة اوتار اظنها من جلد حيوان او عصب . وغطى صحنه بفروة لا اعرف هل هي لقط او نمر . وكنت قد صادفت كهل افريقي يتفرس وصدف انه كيني . ذكر لي الاسم المحلي للطنبور .وشرح لي بإيجاز تاريخها وانها الة كينية عريقة !

2

بعدها كنت في كيجالي رواندا .وجدت ذات الالة لكن على شكل يتسق وقوام اهل بلد التلال . اوتار طويلة . بقدر يشبه النسق المميز لذات الالة في نموذجها الأثيوبي . الذي يحولها لذاك الشكل من كمنجة عريضة لا تحمل على الكتف وانما توضع بين فخذي العازف ويجري العازف بوتر متعارض مثل نموذج ام كيكي عندنا في كردفان ودارفور . واظنها في اثيوبيا تسمى المسانغو وتعزف ضمن طقوس الموسيقى القديمة .او درو ذا فن بالتصنيف الشعبي لانواع الموسيقى ومقامات الغناء . اي الغناء القديم وهو مشجن للغاية ولا يطلع على عورات الالات الموسيقية الكهربائية رغم انهم لاحقا نقلوا تلك الاوتار منه للاورغن في صنف يسمي الكلاسيكو

3

كانت في هذه الطيوف تمر بذهني نقرشات النعام ادم ومحمد كرم الله .والطنبور في نسخته السودانية .الاوتار الرقيقة للاسلاك . الصحن الذي احيانا يتضامن مع الشمالية ببعض الوشم المصفد كالشلوخ .وروابط الاوتار التي تجعل روابطها عند (الشداد) مثل عمائم سودانية في مجلس . الطنابير التي تحسست كنت احب فيها ادارة علم العمائم التي تتحول بكثرة المس الى لون مسود او درجة من التماسك الذي يقوي عقدها . المرات القليلة التي داعبت فيها الاوتار خشيت فيها ان تتحول الى نصل وسطح شفرة فليقنت ان اولئك الرحال الذين يجرون عليها لطفاء في المس كما انهم لطفاء في القول واللحن والبيان .

هي محض ثرثرة طيف ضمن تحضير للكتابة عن يوسف مصطفى التني .حفزني على ذاك أيامه في أديس ابابا في بعض تاريخه الحافل . مقال ارجو ان يخرج حين ميسرة إن شاء الله (مين عارف المصائر) . اظن اننا بحاجة لاستراحة تخرج الناس من العوة والنوة . والاخير مسلسل مصري قديم . عدت اليه هذه الأيام حيث (فردوس) عبد الحميد والشراغيش