رؤية جديدة السودان

✍ ياسر الفادني : إحذروا نار الكلام فإنها تحرق صاحبها

-

كامل الإحترام والقبول لإختيار الدكتور كامل إدريس للوزراء ، فهو رجل يمتلك من الرصيد الأكاديمي، والرصانة السياسية، والعلاقات الدولية، ما يكفي لمنح التجربة الانتقالية هيبة مفقودة منذ زمن. لكن… على الذين تم إختيارهم ضمن طاقمه أن يفهموا أن زمن التصريحات المجانيةالتي تأتي من طرف اللسان مع إخراجه قد ولّى !! ، وأن زمن شطط القول والتهريج السياسي وإدعاء البطولة المفرغة قد تجاوزته المرحلة، لا لشيء سوى لأن الوطن في غرفة الإنعاش، لا يحتمل صراخًا ولا جدلاً ولا عبثًا

ليس المطلوب منكم أن تتباروا في إطلاق التصريحات النارية التي تستفز الشارع أو تُشعل عداءً سياسياً غير مبرر في هذا التوقيت الحرج، فأنتم لم تأتوا من أجل إثبات الذات في المنابر، بل جئتم لتطفئوا حريق وطن وتزرعوا أملًا في صحراء الانهيار، وإن لم تفعلوا، فإن جرة قلم واحدة كفيلة بإزاحتكم، والتاريخ لا يرحم الذين أضاعوا الفرص باسم "الشجاعة الزائدة" وإتخاذ أسلوب( ديك العدة ) !!

السياسة ليست مكانًا للركض خلف الضوء، بل غرفة عمليات ينجو فيها من يتحلى بالهدوء، ويركز على الفعل لا القول، وإن كان في التاريخ عبرة، ففي العهود السابقة دليل ساطع على أن الصراخ لا يصنع إنجازًا، وأن الذين استهانوا بغضب الناس وانشغلوا بتصفية الحسابات، أصبحوا اليوم طيّ النسيان، أو محط سخرية في أرشيف الفشل

صبّوا جهدكم، أيها القادمون الجدد، نحو المهمة التي كُلفتم بها، نحو الوطن الجريح، نحو دعم القوات المسلحة التي تقاتل بشرف، نحو إجتثاث الفوضى لا صناعتها، نحو العمل لا الجدل… فالأوطان لا تبنى بالبيانات، بل بالعزائم التي لا تلهث خلف الأضواء

ولا تنسوا أن من يبدأ بالهتاف والشطط السياسي … غالبًا ما ينتهي بالفشل ! .