رؤية جديدة السودان

✍ أحلام محمد الفكي : الخريف في السودان ؛ أمطار غزيرة سيول محتملة.. وتساؤلات بلا إجابات

-

في خضمّ الأوضاع العصيبة التي يمر بها السودان، ومع بداية موسم الخريف الذي يحمل في طياته نذر الفيضانات والسيول، يبرز سؤال واحد يلوح في الأفق بإلحاح شديد: ما هي الخطوة الأكثر أهمية التي يجب اتخاذها الآن لتجنب كارثة محتملة؟ الإجابة ليست بالبسيطة، ولكنها تكمن في كلمة واحدة تحمل في طياتها مصير شعب ووطن: الاستعداد الفوري والشامل.

إنها ليست مجرد خطوة، بل هي سباق مع الزمن لإنقاذ الأرواح والممتلكات والبنية التحتية المتهالكة بالفعل. ففي بلد يعاني من ويلات الحرب والنزوح والفقر، لا يمكننا أن نترك مصير الملايين دون تخطيط أو استعداد.

والاستعداد الفوري: بوابة النجاة الوحيدة

الخطوة الأكثر أهمية، التي يجب أن تُتخذ الآن وفورًا، هي تفعيل خطة طوارئ وطنية متكاملة وفورية لمواجهة تداعيات الخريف الذى بدء مبشرا بالخير . هذه الخطة لا يجب أن تبقى حبرًا على ورق، بل يجب أن تتحول إلى تحرك شامل على كافة المستويات، يشمل:

* الإنذار المبكر والتحذير الفعال: لا يمكن لأي خطة أن تنجح دون أن يعرف المواطن العادي ما سيحدث وكيف يتصرف. يجب تفعيل كل قنوات الاتصال الممكنة – الإذاعة، التلفزيون، الرسائل النصية، ومنظمات المجتمع المدني – لنشر تحذيرات واضحة ومبسطة وفورية حول المناطق المعرضة للخطر، ومسارات الإخلاء الآمنة، وأماكن الإيواء المخصصة. يجب أن يصل صوت هيئة الأرصاد الجوية إلى كل بيت ومخيم.

* تأمين المراكز الإيوائية: في ظل وجود ملايين النازحين الذين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة، يجب تحديد وتجهيز مراكز إيواء آمنة فورًا، مزودة بالمياه النظيفة، والمرافق الصحية الأساسية، والمساعدات الإنسانية. هذه المراكز يجب أن تكون قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من المتضررين، وتقديم الدعم النفسي لهم.

* صيانة البنية التحتية الحيوية: على الرغم من تحديات الحرب، يجب التركيز على صيانة وتطهير مصارف المياه والقنوات الرئيسية التي أُهملت لسنوات. إن انسداد هذه المصارف يحوّل الأمطار إلى سيول مدمرة. كما يجب تعزيز الجسور والطرق الحيوية لضمان استمرارية حركة الإغاثة والإمدادات. قد تبدو هذه مهمة ضخمة في ظل الظروف الراهنة، لكنها ضرورة قصوى.

* تخزين الإمدادات الطارئة: يجب البدء فورًا في تخزين وتوزيع الإمدادات الأساسية مثل الغذاء، المياه الصالحة للشرب، البطانيات، الخيام، والأدوية في المناطق الأكثر عرضة للخطر. يجب أن تكون هذه الإمدادات متاحة بسهولة وسرعة، لتجنب تفاقم الأزمات الإنسانية .

* تنسيق الجهود على أوسع نطاق: لا يمكن للحكومة وحدها أن تواجه هذه التحديات. يجب إطلاق نداء عاجل وموحد للمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، والمجتمع المدني، وحتى الأفراد، للمساهمة في جهود الإغاثة والاستعداد. التنسيق الفعال والشفافية في توزيع المساعدات هما مفتاح النجاح.

إن الخطر المحدق بفصل الخريف ليس مجرد توقعات جوية، بل هو تهديد حقيقي قد يضاعف من معاناة شعب لم يلتئم بعد من جراحه. لذا، فإن الخطوة الأكثر أهمية هي التحرك الآن، بكل ما أوتينا من قوة وإمكانيات، لضمان أن يكون هذا الخريف موسم نجاة لا موسم دمار. ونسال الله ان يكون غيثا نافعا غير ضار ..