✍ أحلام محمد الفكي : يد تبني ويد تحمل السلاح : ”مليون متطوع” لإعادة إعمار الخرطوم

في قلب السودان، حيث لا يزال صدى الرصاص يتردد، تشرق شمس الأمل بمبادرة "مليون متطوع" لإعادة إعمار ولاية الخرطوم. إنها دعوة قوية من صميم الوجدان السوداني لاستنهاض الهمم وتحويل ركام الحرب إلى صروح بناء، وملء فراغ الدمار بروائع العطاء.
لم يكن التطوع يومًا مجرد عمل إضافي، بل هو الروح التي تدب في أوصال الأمم وتدفعها نحو التقدم والازدهار. عبر التاريخ، سطرت شعوب بأكملها أروع قصص النهضة بفضل سواعد أبنائها المتطوعين. من إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، إلى النهضة اليابانية المذهلة، وصولًا إلى جهود الإغاثة والتعمير في المناطق المتضررة حول العالم، كان التطوع هو المحرك الأساسي الذي حول اليأس إلى أمل، والخراب إلى عمران. إنه العطاء بلا حدود، والتضحية بلا مقابل، والإيمان بأن يدًا واحدة لا تصفق، ولكن مليون يد تصنع المستحيل.
أيها الشباب والشابات،
يا نبض الوطن وخزان طاقته الكامنة! إن انضمامكم إلى هذه الحملة الإنسانية الكبيرة ليس مجرد مشاركة، بل هو تأكيد على هويتكم كصناع للتغيير. أنتم الأمل الذي سيضيء دروب الخرطوم المظلمة، والقوة التي ستبني مستقبلها المشرق. تخيلوا الأثر الذي يمكن أن تحدثه جهودكم الجماعية: مدارس تفتح أبوابها من جديد، مستشفيات تستقبل المرضى، أحياء تدب فيها الحياة، وشوارع تعود إليها ضحكات الأطفال. مشاركتكم هي استثمار في مستقبلكم ومستقبل أجيالكم القادمة.
لقد حان الوقت لأن نثبت للعالم أن السودان، رغم جراحه، قادر على النهوض من جديد. هذه المبادرة هي دعوة لكل مواطن سوداني، أينما كان، ليساهم في إعادة بناء ما دمرته الحرب. سواء كنتم مهندسين أو أطباء، معلمين أو طلابًا، حرفيين أو عمالًا، كل جهد، مهما كان صغيرًا، سيحدث فرقًا. يدنا واحدة، وهدفنا واحد: أن تعود الخرطوم أجمل مما كانت.
لنتأمل تجارب الدول التي نهضت بفضل متطوعيها:
* ألمانيا واليابان: بعد الدمار الشامل الذي لحق بهما في الحرب العالمية الثانية، انخرط ملايين المواطنين في جهود إعادة الإعمار، تحويلًا للركام إلى قوة اقتصادية عظمى.
* رواندا: بعد الإبادة الجماعية، قامت حملات تطوعية ضخمة لإعادة بناء البنى التحتية والمجتمع، مما جعلها اليوم من الدول الرائدة في أفريقيا.
* هايتي: بعد الزلزال المدمر، توافد المتطوعون من كل حدب وصوب للمساعدة في جهود الإغاثة وإعادة البناء، مما خفف من وطأة الكارثة.
هذه النماذج ليست مجرد قصص، بل هي خارطة طريق لنا لنتعلم منها ونستلهم منها العزيمة والإصرار.
إن "مليون متطوع" ليست مجرد حملة، بل هي صرخة حياة في وجه الدمار، و نشيد أمل في زمن اليأس. انضموا إلينا، لنصنع معًا فجرًا جديدًا لبلادنا، ولنؤكد أن اليد التي تبني هي الأقوى، وأن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المعجزات. الخرطوم تناديكم، فهل من مجيب؟