✍ د. ماجد السر عثمان : مراسي ؛ الخرطوم تشرق من تحت الرماد (12) الشريف أبو ملاذ حببني في الشريف الهندي

كانت هناك مجموعة من السياسيين، تنوّعت مشاربهم بين أقصى اليمين واليسار، مرورًا بالوسط... أبناء الحارات والبيوتات الكبيرة، من تخرّجوا في المدارس الحكومية، ولعبوا "الدافوري" حينما كانت خرطة البيوت المفضّلة "أوضتين وبرندتين"، "خلف خلاف"...
كنا نلتقيهم في المنتديات الثقافية، ومباريات كرة القدم، يجمعهم حب الهلال والمريخ، ويبشرون سوياً حين تطربهم أنغام الضواحي وطرف المدائن...
وحينما ضُيق عليهم في الوطن وهاجروا بقضيتهم...جمعت أسرهم في المنافي سقف بيت واحد...كلهم كانوا أباء
عمر نورالدائم
أحمد عبد الرحمن محمد
عثمان خالد مضوي
الشريف الهندي
هم عندي كالمشروب ذو المذاق الواحد، لكن تُقدَّم في قوارير مختلفة شكلاً وحجماً... وذلك من دهاء البائع!
هذه المجموعة المتجانسة شكلاً وموضوعاً، فاتت عليها فرصة تاريخية لتشكيل حزب فريد... حزب باسم "إخوان في الإنسانية والوطن".
كان بوسعهم، لو اجتمعوا، أن ينزعوا مدغة الحسد والكراهية من قلب السودان، وأن يغرسوا بدلاً منها غرساً طيباً من الرحمة والعدل والتسامح والكرم.
رائد هذه المدرسة النبيلة هو الحبيب حسين خوجلي، حينما يتحدث بحب وتقدير واحترام عن الرموز السياسية السودانية، بمختلف أحزابهم وتياراتهم، يُخرج من جُبَّة حديثه مكارم الأخلاق، ويُحْيي ما طمرته الخصومات من جميل الذكر والطرف الملاح...
ولأنه ابن البيت الكبير وتربية العظام، أحبّ الناس والأمكنة ومكارم الأخلاق...
رقص عقلي طرباً وهو يحدّثنا عن الشريف زين العابدين الهندي، وطنيّته وفراسته وكرمه ونُبله، وحكمته التي كانت تسبق زمانه بخطوات...
حينها، والله، شممت رائحة القهوة المعتّقة، ومن عجبٍ... حيث لا قهوة!
مجموعة "إخوان في الإنسانية" التي أضاعت الفرصة الذهبية لبناء سودانٍ يتسع للجميع، أذكر منهم – على سبيل المثال لا الحصر:
الدكتور محمد أحمد الجالب،
الدكتور الصادق الهادي المهدي،
الأستاذ الهادي حسن عبدالجليل،
الفريق عبد الرحمن الصادق،
مبارك الكودة،
الدكتور عبد الحليم المتعافي،
وعمنا بركات الحواتي...
أقول لهم – بكل محبة وصدق – إنّ ضياعكم لتلك السانحة النادرة هو ما أفسح المجال لظهور الدمامل والبثور التي شوّهت وجه السودان الجميل، تحت مسمّى ما يُعرف بـ "لجنة التمكين"... أعني تماماً ما أقول.
إنها دعوة متأخرة ربما، لكنها صادقة:
عودوا إلى بعضكم، وتذكّروا أن الوطن كان وسيظل أكبر من الأحزاب والألقاب والمناصب