رؤية جديدة السودان

✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ نخب سياسية ذات ضمير وطني

-

تُعد النخب السياسية عماد العمل العام وأحد المحركات الأساسية في توجيه مصير الشعوب والدول فهي الفئة التي تُناط بها مهام التخطيط، وإتخاذ القرار، وصياغة السياسات العامة، وتمثيل إرادة الشعوب على المستويات كافة

وفي السياق السوداني، لعبت النخب السياسية أدوارًا محورية منذ الاستقلال، تباينت بين الأمل في التغيير وخيبة الفشل في الإنجاز.

لكن مع تعاقب الأزمات السياسية وحرب الكرامة ، بدأت علامات الاستفهام تُطرح حول أداء هذه النخب، ومدى قدرتها على مواكبة تطلعات الشعب، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها السودان اليوم. فهل ما زالت النخب السياسية الحالية مؤهلة لقيادة البلاد؟ أم أن السودان بات بحاجة إلى تجديد شامل في نخبه نظل عبر همسة وطنية نتحسس بعضا من علاج الأزمة السودانية ان نتطرق في بعض المقالات لحلول لعلها تجد اذان صاغيه لما نكتب أو تجد هذه المقالات حظها من النقاش والتحليل فلقد كتبنا مئات المقالات عن الشأن السوداني ووضعنا الحلول لها استراتيجياً لما بعد الحرب لاننا نؤمن بان الطريق للاصلاح يبداء من معالجة اخطاء الماضي وارتباطها بواقع اليوم حيث شهد السودان خلال الثلاثه سنوات الأخيرة واحدة من أعنف الحروب وأكثرها تدميرًا لبنية الدولة والمجتمع. هذه الحرب لم تكن فقط صراعًا مسلحًا، بل كانت زلزالًا سياسيًا كشف هشاشة النظام، وفشل النخب الحاكمة والمعارضة على حد سواء في تقديم حلول تنقذ البلاد من الانهيار. ومع اقتراب السودانيين من التفكير في مرحلة ما بعد الحرب، يبرز سؤال جوهري؟ هل تتغير النخب السياسية السودانية؟

النخب السياسية التي تصدرت المشهد منذ الاستقلال، أو التي ظهرت في مرحلة ما بعد الثورة، لم تكن على قدر تطلعات الشعب. معظمها غرق في الصراعات الأيديولوجية، وتقاسم المناصب، وتعطيل الانتقال الديمقراطي. واليوم، فقد كثير من هذه القيادات شرعيتها، بعد أن عجزت عن إيقاف الحرب أو حتى إدارة أزماتها.

الحرب، رغم مآسيها، أنتجت جيلًا جديدًا من السودانيين، أكثر وعيًا، وأكثر عزيمةً على التغيير. نشأت قيادات من رحم المعاناة؛ في لجان الاستنفار ، المبادرات الشعبية، والمجتمعات المحلية التي تولت زمام الأمور في غياب الدولة. هذا الحراك المجتمعي يشير إلى أن السودانيين لم يعودوا يثقون في الوجوه القديمة، بل يتطلعون إلى نخب جديدة نزيهة وفعالة.

لكن الواقع معقد. فالنخب القديمة ما زالت تمسك بخيوط النفوذ السياسي والاقتصادي، وتستخدم شبكات الولاء والإعلام والمال للبقاء في المشهد. بالمقابل، النخب الجديدة - رغم حماسها - ما تزال تعاني من نقص في الخبرة والتنظيم والتأطير السياسي. وهنا يكمن التحدي الأكبر: كيف يحدث التغيير في ظل مؤسسات منهارة، ونظام سياسي غير مستقر؟

اللاعب الدولي سيكون له دور مؤثر فإعادة الإعمار وعودة الدعم الاقتصادي مرهونان بتشكيل قيادة سياسية جديدة موثوقة. المجتمع الدولي لا يرغب في التعامل مع رموز سياسية فاشله ، بل سيدعم وجوهًا تحظى بالشرعية الشعبية وتملك برنامجًا وطنيًا واضحًا.

التغيير قادم لا محالة، لكنه سيكون تدريجيًا وليس جذريًا. من المتوقع أن نشهد تحالفات جديدة تجمع بين بعض رموز الخبرة، ووجوه شابة تحمل فكرًا مختلفًا. هذه المرحلة تتطلب نخبًا ذات ضمير وطني، ووعي عميق بحجم التحديات، بعيدًا عن النرجسية السياسية والتشبث بالماضي.

لن يكتب النصر السياسي للسودان ما لم يراجع نفسه ويجدد نُخبه. فمرحلة ما بعد الحرب يجب أن تكون فرصة لإعادة هيكلة الحياة السياسية، وبناء قيادة تعبر عن تطلعات الشعب، لا عن مصالح النخب. السؤال ليس إن كان التغيير ممكنًا، بل: هل نحن مستعدون لخوض معركة التغيير الحقيقي؟