✍ أحلام محمد الفكي : الطابور الخامس ؛ خطر خفي يهدد كيان الدولة !

في لحظة تاريخية فارقة، فجّر الدكتور كامل إدريس، رئيس الوزراء، قنبلة من العيار الثقيل، عندما كشف عن وجود "طابور خامس" يتغلغل داخل أجهزة الدولة. لم تكن المفاجأة في وجود هذا الطابور نفسه، فالأمر سبق وأن ألمح إليه الفريق ياسر العطا، بل كانت المفاجأة في الإعلان الرسمي عنه من أعلى هرم السلطة التنفيذية، مما يطرح تساؤلات حارقة تستوجب الإجابة.
لقد عشنا طويلاً في كنف تساؤلات حائرة: كيف تخرج القرارات من أبواب مغلقة لتصل إلى أيدي الخصوم قبل أن تجف أحبارها؟
وكيف تتعثر المشاريع الوطنية الكبرى بفعل فاعل مجهول؟
وكيف تتسرب المعلومات الحساسة التي تهدد أمن الوطن واستقراره؟
اليوم، أصبح لدينا الجواب، أو جزء منه على الأقل: إنه الطابور الخامس، تلك الخلايا النائمة التي تعمل من الداخل على تقويض جهود الدولة وإفشالها.
إن الإعلان عن وجود هذا الخطر يضعنا أمام تحدٍ كبير. فإذا كانت الدولة تعلم بوجوده، فلماذا لا تتحرك لإزالته؟
هل هي عاجزة عن تطهير أجهزتها من هؤلاء المتآمرين؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تجعلها تتريث في اتخاذ الإجراءات اللازمة؟
إن ترك هذا الطابور ينشط بحرية هو بمنزلة ترك "سرطان" خبيث ينتشر في جسد الدولة، ينهكه ويدمره من الداخل.
إن بقاء الطابور الخامس يعني استمرار نزيف الوطن، وتواصل إهدار الموارد والجهود، واستمرار حالة عدم الثقة التي تسود بين المواطنين والدولة. إن المواجهة مع هذا الخطر ليست مجرد عملية أمنية، بل هي معركة وجودية تتطلب تضافر الجهود الوطنية، وتطهير المؤسسات، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
علينا أن ندرك أن الطابور الخامس ليس مجرد مجموعة من الأفراد، بل هو فكرة خبيثة ومنهج عمل هدفه زعزعة الاستقرار وإضعاف الدولة. ولذلك، فإن المواجهة يجب أن تكون شاملة، لا تقتصر على اعتقال الأشخاص، بل تمتد إلى تجفيف منابع الفساد والتآمر، وإعادة بناء مؤسسات قوية وشفافة تستطيع أن تحمي نفسها ومصالح الوطن.
إن التساؤلات لا تزال قائمة، لكن الإجابة عليها أصبحت ضرورة ملحة. فهل ستكون هذه اللحظة بداية لتطهير شامل يعيد للدولة هيبتها وثقتها، أم أننا سنكتفي بالإشارة إلى الخطر دون اتخاذ إجراءات حاسمة؟
إن التاريخ لا يرحم، والوطن ينتظر منا الفعل لا القول.