رؤية جديدة السودان

✍ أحلام محمد الفكي : في ظل الرصاص أقلام تكتب المستقبل ؛ دلالات قرار إستئناف الدراسة في السودان

-

في أعماق الأزمة التي يمر بها السودان، وسط ركام الحرب وأصوات المدافع، يبرز قرار استئناف العملية التعليمية كبارقة أمل قوية، تحمل في طياتها معاني أعمق من مجرد عودة الطلاب إلى فصولهم الدراسية. إنها قراءة جديدة لمشهد الحرب، وتحليل مختلف لنتائجها. قرار استئناف الدراسة، الذي أقرته حكومة ولاية الخرطوم، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو إعلان صريح بأن الحياة تستمر، وأن المستقبل لا يمكن أن يُرهن لإرادة الدمار.

في خضم الحرب، يعتبر فتح المدارس والجامعات تحديًا كبيرًا، لكنه في الوقت ذاته، يمثل انتصارًا للإرادة المدنية على آلة الحرب. إنها رسالة قوية بأن الشعب السوداني يرفض أن يُختطف مستقبله. الحرب تسعى إلى تدمير البنية التحتية، وخلق حالة من اليأس والفوضى، لكن قرار عودة التعليم يواجه هذا المسعى بهدوء وثبات. عندما يعود المعلمون إلى مدارسهم، والطلاب إلى فصولهم، فإنهم يبعثون برسالة مفادها أن العلم هو السلاح الأقوى في مواجهة الجهل والتخلف اللذين تغذيهما الحروب.

إنّ مواصلة التعليم في ظل هذه الظروف الصعبة، تعني أن المجتمع السوداني لا يستسلم لليأس. فالتعليم هو شريان الحياة لأي مجتمع يسعى للنهوض والتقدم. قرار استئناف الدراسة ليس فقط لتعويض الطلاب عن سنوات الانقطاع، بل هو أيضًا خطوة نحو إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي تضرر بفعل الحرب. إنه يمنح الأمل للأجيال القادمة، ويؤكد على أن بناء المستقبل يبدأ من الفصول الدراسية، وليس من ساحات القتال. هذا القرار قد يشجع العائلات السودانية بالخارج على العودة،

ما يساهم في إعادة جزء من الكفاءات المهاجرة التي يحتاجها السودان بشدة.

لا شك أن التحديات التي يواجهها هذا القرار كبيرة، فكما أشار المدير العام لوزارة التربية والتعليم، فإن العديد من المدارس قد تعرضت للتدمير والنهب. لكن هذه التحديات لا يجب أن تكون سببًا للتوقف، بل حافزًا للعمل بجدية أكبر. إنها فرصة لإعادة بناء المدارس بشكل أفضل، وتحديث المناهج، وتطوير العملية التعليمية بما يواكب العصر. إن الإصرار على مواصلة المسيرة التعليمية يظهر أن الشعب السوداني قادر على تحويل الأزمة إلى فرصة، وأن من رحم المعاناة يولد الأمل.

ان قرار فتح المدارس والجامعات في السودان، ليس مجرد خبر عادي، بل هو حدث تاريخي يؤكد أن إرادة الحياة أقوى من إرادة الموت، وأن صوت العلم سيعلو دائمًا فوق ضجيج الحرب. إنه انتصار للإنسان السوداني الذي يرفض الاستسلام، ويؤمن بأن مستقبل بلاده يكمن في عقول أبنائه وبناته المتعلمين