✍ أحلام محمد الفكي : الفن سلاح الوحدة في وجه الكراهية

في عالم يضج بالصراعات والانقسامات، يظل للفن صوته الخاص الذي يتجاوز الحدود ويجمع القلوب. إنه ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أداة قوية لبناء الأوطان وتوحيد الصفوف. وفي هذا السياق، يبرز دور اتحاد المهن الموسيقية كلاعب أساسي في معركة الوعي، خاصةً في مواجهة آفة الكراهية والجهوية التي تهدد النسيج الاجتماعي.
امس ، كان المشهد في أم درمان ملهمًا ومبشرًا، حيث شهد الاحتفال الذي نظمه اتحاد المهن الموسيقية، بالتعاون مع جهات رسمية وشعبية، لتعزيز الوحدة الوطنية ومناهضة خطاب الكراهية. هذا الحدث لم يكن مجرد فعالية فنية عادية، بل كان بمثابة إعلان واضح بأن الفن قادر على لعب دور بارز وحيوي في علاج الجراح التي خلفها الصراع.
والسؤال الذى يطرح نفسه هل يمكن للفن أن يكون جسرًا للوحدة؟
الإجابة بلا شك هي نعم. الموسيقى، بطبيعتها، لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة. الأغنية الوطنية، على سبيل المثال، ليست مجرد كلمات وألحان، بل هي شعلة تضيء في القلوب وتثير مشاعر الانتماء والفخر. وعندما يغني فنانون عمالقة مثل الدكتور عبد القادر سالم للوطن، فإنهم لا يساهمون فقط في إحياء التراث، بل يزرعون الأمل في نفوس المواطنين ويذكرونهم بأن الوحدة هي القوة الحقيقية.
وهذا هو الدور المأمول والمرتجى من اتحاد المهن الموسيقية: أن يكون بؤرة إشعاع ثقافي، وأن يتحول إلى منصة فنية تخدم قضايا الوطن الكبرى. ليس فقط من خلال تقديم الأغنيات،
بل عبر تنظيم الفعاليات والمبادرات التي تهدف إلى:
*تعزيز الروح الوطنية من خلال إنتاج أعمال فنية تلهم الشباب وتغرس فيهم قيم الانتماء والتضحية.
*مناهضة خطاب الكراهية عبر إطلاق حملات توعية فنية تستخدم الأغنية واللحن لنبذ التعصب والجهوية.
*بناء الجسور: من خلال إقامة فعاليات تجمع فنانين من مختلف أنحاء البلاد، ليعكسوا التنوع الثقافي الغني للوطن.
إن حضور القيادات السياسية والعسكرية لمثل هذه الفعاليات يمنحها دعمًا معنويًا كبيرًا، ويؤكد على أن الدولة تدرك أهمية الفن كقوة ناعمة في بناء المجتمعات. والوعد بدعم الاتحاد لتحقيق أهدافه هو خطوة مهمة تفتح آفاقًا جديدة أمام دوره المستقبلي.
دور الفن في علاج المجتمع
المجتمع الذي يمر بأزمات يحتاج إلى أكثر من مجرد الحلول السياسية أو الاقتصادية. إنه يحتاج إلى علاج روحي ونفسي، والفن يقدم هذا العلاج ببراعة. فالفنانون الذين ظلوا صامدين في ديارهم خلال
"معركة الكرامة" لم يكونوا مجرد مشاهدين، بل كانوا داعمين ومساندين، يزرعون الأمل في نفوس الناس ويذكرونهم بأن النصر للإرادة الوطنية قادم لا محالة.
لقد حان الوقت لكي يخرج الفن من نطاق الترفيه ليصبح قوة دافعة للتغيير. ودور اتحاد المهن الموسيقية ليس مجرد تنظيم الحفلات، بل هو قيادة حراك ثقافي وفني يساهم في لم شمل الأمة، ويعيد بناء ما هدمته الكراهية، ويثبت أن أقوى سلاح في وجه الظلام هو النور الذي يشعه الفن.