✍ الطريفي أبو نبأ : عٕرق في السياسة ؛ كُن جاهلاً لتصبح خبيراً إستراتيجياً
عندما تتسع مساحة الجهل لدينا نتعمق أكثر في فكرة البحث عن المعرفه ويكون الطموح والبحث في اكتشاف الجديد هي الميزه التي تبعدنا عن صفة " الجاهل"... وحتما يصبح الجهل طريقا لادراك المعرفه....
يحكى ان رجلاً عاش في قريه آمنت بأنه الوحيد صاحب الحكمه والمعرفه لكل شئ ولاينفك من الحديث عن السياسه والاقتصاد وحتى التطبيب ورعاية الورود وكان معتزا بحاله فخوراً بنفسه حتى ذات مره اكتشف ان موقعه الحقيقي ليس في القريه وإنما في المدينه وسط العلماء والحكماء... وفي إحدى الايام وجد أهالي القريه شاب صغير يوشك على الموت اخذوه لحكيم القريه وعالمها المبجل والذي احتار في كيفية تطبيبه، جرب كل مايعرفه دون جدوى وعندما فشل في كل تجاربه لانقاذه قال لأهل القريه ان هذا جني في شكل بشر وانه متخصص في علوم البشر ولاعلاقة له بالجن والشياطين....
ذات مره حدثت العرافه إفلاطون بأنه حكيم زمانه وأفضل عالم مًر على الوجود لم يصدق إفلاطون ذلك وذهب لمجالس الناس من صفوة القوم ومثقفيهم يحادثهم فوجد بعد فترة انهم دونه.... وفي طريق عودته فكر في حساب كميه الماء في إحدى البرك ولكنه فشل في ذلك ولازم التفكير ايام حتى رأى راعي فأخبره بكميه المياه مستندا على مقدار شرب اغنامه في اليوم... وحينها عرف بأن هنالك اعلم منه....
عزيزي القارئ ربما اننا نغوص في الجهل ليغيننا بأننا أكثر معرفه لذلك نكون منظرين ومستهلكين لافكار واطروحات ربما لا تتناسب مع المتغيرات حولنا ولكنا نقنع أنفسنا بأننا على حق وهذا لعمري يقربنا للجهل ويبعدنا عن فكرة البحث عن مانجهله واستخلاص الأفكار من التجارب السابقه ومزامنتها مع واقعنا المعاش
في بلدي تجد ان الجميع يرفعون شعار المعرفه ولايملوون التنظير فلا فرق عندنا بمن تخصص في الرياضه او السياسه فيمكن لمدرب كرة قدم ان يضع خطة استراتيجية لفك حصار الفاشر وحتى انهاء التمرد وبمقدور ان يشكك بائع يفترش الأرض في قدرة مذيع البي بي سي.... حدث وان حصل شجار مع طبيب بيطري لانه طلب من جاره المريض الذهاب للمستشفى وباختصار رد المريض قال ليهو انت قارى طب علي اي أساس ولو كان محمد ولدي موجود كان عرف يعالجني ( ولدو محمد دا جزار طبعا)....
لابد أن نعترف ان التنظير والادعاء بمعرفة كل شئ يقودنا للجهل ولو كنت فعلا تبحث عن ادراك بعض الأشياء وان تحصل على لقب خبير استراتيجي ماعليك الا ان تعيش جاهلا لتجد مساحة للبحث عن المعرفه..