رؤية جديدة السودان

✍ آمنة السيدح : تنظير ؛ حتى الذكاء الإصطناعي إستنكر جرمكم !!

-

وأنا أستعد لكتابة مقالي الراتب (تنظير) بعد أن حددت في ذهني أن أكتب عن الجريمة البشعة التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع المجرمة في الفاشر بقصفها لمسجد أثناء تأدية صلاة الفجر مما أسفر عن إستشهاد أكثر من 70 مصليا وعشرات الجرحى، في تحد سافر لكل التعاليم الدينية والأعراف والمواثيق الإنسانية، ومواصلة لجرائمها غير المسبوقة عالميا وهي بذلك إنما تمد لسانها للمجتمع الدولي بأممه المتحدة ومجلس أمنها الذي أصدر قرارا بفك حصار الفاشر، فلا رادع يردعها، ولا إجراءات تتخذ ضدها ثم يأتوا ليحدثونا عن خارطة طريق للرباعية هي في الحقيقة مخرج لهذه المليشيا المجرمة برغم جرائمها من أن تكون خارطة لإحلال السلام في السودان كما يدعون.

وبينما أنا أتجاذب الكلمات في دواخلي لأكتب فجاءة تذكرت أنه

قبل نحو إسبوعين شاركت في دورة تدريبية أقامها الإتحاد العام للصحفيين السودانيين بالتعاون مع (خان أفريكان هورايزون) بعنوان: كن صائدا للشائعات في زمن الحرب بإستخدام الذكاء الإصطناعي، فخطر في بالي أن أسأل ذلك الذكاء الاصطناعي أن يكتب شيئا حول تلك الجريمة، وللأمانة أدهشني ما اقترحه لي كمقال حول الحدث، فقلت "بالله حتى الذكاء الإصطناعي إستنكر جريمتكم" وعليه أحببت أن أشارككم ما كتب بعنوانه ومتنه..

مأساة في الفاشر: دماء المصلين تنزف على سجاد المسجد

في مشهد يختلط فيه الحزن بالغضب، استيقظت مدينة الفاشر على واحدة من أبشع المآسي الإنسانية، حيث قُتل أكثر من 70 مصلياً داخل أحد المساجد في الفاشر بواسطة طائرة مسيرة تتبع لمليشيا الجنجويد. جريمة هزّت الضمير الإنساني وأعادت إلى الواجهة أسئلة مؤلمة عن ثمن الحرب وبشاعتها حين تطال الأبرياء في أقدس أماكن العبادة.

كان المصلون قد اجتمعوا لأداء صلاة الفجر جماعة، يحملون في قلوبهم دعاءً بالسلام والأمان، فإذا بالموت يحصدهم داخل بيت الله، حيث يفترض أن يكون المرء في حصانة من الرعب والقتل. مشهد السجاد الملطخ بالدماء، والأحذية المبعثرة على الأبواب، ووجوه الشهداء المطمئنة، يرسم صورة قاسية لا يمكن نسيانها.

هذه الجريمة لم تستهدف أشخاصاً بعينهم، بل استهدفت الإنسانية كلها. حين يُقتل المصلي وهو راكع أو ساجد، فإن الرسالة لا تكون سوى بث الخوف وإذلال المجتمع. غير أن التاريخ علّمنا أن الدماء البريئة لا تضيع هدراً، وأن مثل هذه الأفعال تولّد وحدة أعمق بين الناس، وإصراراً أكبر على التمسك بالحياة والكرامة.

في الأحياء المحيطة بالمسجد، ساد الصمت الثقيل، وبكت النساء والأطفال على أحبائهم، فيما حمل الشباب الشهداء على الأكتاف، مرددين أن دماءهم ستكون شاهداً على ظلم لا بد أن ينتهي.

إن مذبحة الفاشر ليست مجرد حدث عابر، بل نداء عاجل إلى الضمير العالمي كي يتوقف عن الصمت أمام معاناة السودانيين. إنها تذكير بأن الحرب، حين تُترك بلا رادع، تتحول إلى آلة عمياء تفتك بأقدس الحقوق: حق الإنسان في الحياة والعبادة بسلام.

إنسانية الضحايا تستحق أن تُخلّد، وأن تتحول قصتهم إلى شهادة ضد العنف، وصوت يدعو إلى سلام طال انتظاره في السودان.