✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ الجيش يستمد قوته من الشعب

يُعد الجيش العمود الفقري لأي دولة، لكن قوته لا تُقاس فقط بعدد العتاد أو الانضباط العسكري، بل تُقاس أولاً بمدى ارتباطه بشعبه وولائه للوطن. فالجيوش التي تنعزل عن شعوبها تتحول إلى قوة بلا روح، بينما الجيش الذي يستمد طاقته من الناس يصبح درعًا للأمة وحارسًا لسيادتها. شعار جيش واحد شعب واحد استمد منه الحيش قوته لخوض حرب الكرامة
الشعب هو مصدر الشرعية والدعم، فمنه يتغذى الجيش بالجنود، ومنه ينال القوة المعنوية التي تجعله يصمد في وجه التحديات. وفي لحظات المحن، يظهر هذا الرابط واضحًا؛ حين يتكاتف المواطنون مع جيشهم، ويصبح الدفاع عن الأرض قضية مشتركة.
إن العلاقة بين الجيش والشعب علاقة تكامل لا انفصام فيها، فالشعب يحتاج إلى من يحميه، والجيش يحتاج إلى من يمنحه الثقة والدعم. وعندما ينهض الاثنان معاً
الجيش في أي دولة ليس مجرد مؤسسة عسكرية، بل هو مرآة لقوة المجتمع وإرادته. فمهما امتلك الجيش من أسلحة وتقنيات، تبقى قوته الحقيقية في الالتفاف الشعبي حوله وثقة الناس في أنه جيش للوطن لا لفئة أو حزب. هذه الثقة هي التي تمنحه الشرعية، وتجعله يصمد أمام أي عاصفة.
الشعب هو الحاضنة الأولى للجيش، فهو الذي يمده بالمقاتلين، ويمنحه الدعم المعنوي، ويقف إلى جانبه في لحظات التحدي. وعندما يشعر المواطن أن الجيش يحميه ويحرس أرضه وكرامته، فإنه يصبح السند الأقوى له، بل ويعتبره الامتداد الطبيعي لهويته الوطنية.
تاريخ الشعوب مليء بالأمثلة التي تؤكد أن الجيوش لا تنتصر إلا حينما تكون متجذرة في وجدان مواطنيها. فالجيش الذي يبتعد عن قضايا شعبه يفقد مكانته ويتحول إلى مجرد قوة معزولة، بينما الجيش الذي يتلاحم مع الناس يظل رمزًا للوحدة، ودرعًا حصينًا للسيادة الوطنية.
وفي السودان، ظل الجيش على مر العقود جزءًا من نسيج المجتمع، يستمد قوته من أهل القرى والبوادي والمدن. وعندما توحدت الإرادة بين الشعب وجيشه، كان الوطن أكثر قدرة على الصمود في وجه الأزمات. واليوم، وفي ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، تزداد الحاجة إلى تعزيز هذه العلاقة الوثيقة، ليكون الجيش والشعب صفًا واحدًا من أجل إعادة بناء السودان وحماية وحدته
إن الجيش القوي لا يُبنى بالأسلحة وحدها، وإنما تُبنيه قلوب المواطنين وثقتهم فيه. وفي السودان، لن يتحقق النصر والاستقرار إلا إذا ظل الجيش والشعب جسدًا واحدًا وروحًا واحدة، تدافع عن الأرض وتبني المستقبل. فالشعب هو القوة التي لا تنضب، والجيش هو السيف الذي يحميها، وبتكامل الاثنين تصان الأوطان.
إنَّ الجيش بلا شعبٍ سندٍ ضعيف، والشعب بلا جيشٍ حصنٍ مكشوف، وحرب الكرامة لم تكن سوى امتحانٍ تاريخي أكّد أن السودان ينهض بتكاتف أبنائه، حين يضعون الوطن فوق كل ولاء، والحق فوق كل مصلحة. لقد برهن الشعب أنه القوة الحقيقية التي تمنح الجيش عزيمته، وأن الجيش هو السور الذي يحمي إرادة الأمة. ومن هنا فإن النصر ليس نهاية الطريق، بل بداية عهد جديد يقوم على الثقة المتبادلة، ووحدة الصف، وإعلاء قيمة الكرامة الوطنية، حتى يبقى السودان عصيًّا على كل مؤامرة، شامخًا بجيشه وشعبه، إلى أن تتحقق رايات الحرية والسلام والاستقرار.وسودان مابعد الحرب اقوي واجمل