رؤية جديدة السودان

✍ الطيب صالح العطا : كلام القوم ؛ يسألونك عن النفاج

-

دخلت ذات مرة إلي صيدلية في شارع المعرض بالقرب من مستشفى الشرطة لشراء ادوية وجدت شاب وشابه يعملان فيها وشكلوا كان في نقاش سلمت عليهم فبادرني الشاب مستنكرا بالله شوف دي ماعارفه النفاج الشابه قالت ليهو لو كان شئ مهم كان عرفتو!!! ولا ماكده يا عمو؟؟

قلت ليها يابنتي زمان كان مهم جدا لكن في زمنكم دا ممنوع رسمي!!! وطبعا للجيل الحالي النفاج هو باب صغير بين حوش النسوان في بيتك وحوش النسوان عند جيرانك وطبعا زمان ماعندنا نسوان بتحركن في الشارع ولا للدكاكين لاتشاهدهم إلا في المناسبات او ماشين بيت بكاء او بعض الموظفات والطبيبات والعاملات وعددهم قليل جدا

الناس كانوا أهل والجار قبل الدار كل زول عنده بيت بجيب اهلو واحبابو ومرات زي ماعمل جدنا إقسم من بيتو ويقول الدار دار آخره توفر الأمن والأمان والثقة ومعرفة حقوق الجار (جارك القريب ولا ود اهلك البعيد) والجار ستر وغطاء وبلحقك وبربي معاك (لازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه) المهم النسوان كانت عيشتهم مع بعض وونستهم ومشاطهم وحنتهم وجيهتهم مع بعض الاكل يجيك بالنفاج والطاقه تكون جبت ملاح واحد في صينية الغداء تلقي أربعه صحانة طبائخ مختلفه حتي بقينا نميز دا ملاح فلانه امانه مايدها طاعمه والناس بتخطب بالطعم والنفس في الأكل (يازول الشاي دا عملتو منو يقولوا ليك بت فلان بس اخطبوها لي ولدي) النفاج قبل أن يفتح القلوب كانت فاتحه للمحبة والخير والكرم والمواساة حتي لو ماعندك اكل بتاكل دون حرج وممكن تدي جارك من الجاك

يجود علينا الأكرمين بمالهم

ونحن بمال الأكرمين نجود

الملح والملاح كانت لهم قدسية بنات الحله هم الاخوات والأمهات المحافظه عليهم وصونهم مسئولية الجميع والسمعه كانت مهمه جدا عشان كده كانت رقيب علي كل زول لو عمل غلط بيقعد لي جنا الجنا حوش الرجال مفصول من حوش النساء اكلهم شرابهم ونستهم كل شئ والله في الحوش الكبير ذاتو ماعارفين والدينا ديل جابونا كيف!!! الحياة بسيطه وسهله والخيرات من الشمال والوسط خاصه ومن عموم السودان تجيك مجان باللواري كل بيت مخزنوا مليان والعندو بيدي الماعندو!!

طبعا ونحنا أطفال نلعب مباريات مع أولاد العباسيه ونغلبهم بعد داك يسكونا ندخل بي باب نطلع تاني مربوع وطبعا سك الكوره دا قبل سك او صك العملة عادي جدا المغلوب يسك الغالب مش كده بس لما الكورة يكون كاسها بره كان مغلوب قبل المغرب الجناح عشان سريع بيخطف الكاس ويجري لعيبة الخصم والجمهور كلهم وراه وعادي في شنو يااولاد؟ خطفوا الكاس!!! والجميل كل ناس الحي بيتعارفوا يوصفوا ليك ويوصلوك ودي الجابت في مدني للشاعر علي المساح الإسم! قالوا قاعد في الدكان تجي تسالوا من فلان يقول ليك دقيقه يقفل الدكان ويمشي يوديك ويرجع في اليوم اكتر من عشره مرات واحد قال ليهو (إنت ياولدي شغال مساح)؟؟ عشان كده قال؛

أنا الحامل السر ما حكي

انا الحامل البلاء ماإشتكي

انا المساح دمع البكي

وبمناسبه المساح حكي لي والدي رحمه الله وكان من حكام شهرية ابو الرووس التي تعقد في امدرمان وهي اهليه يجتمع فيها اهل أمدرمان كمصنفات ادبية لإجازة كل الأعمال الفنيه والإبداعات الثقافية جانا الكاشف رحمه الله لابس فنيله( جار الوز) ودي طبعا وصف للفنيله المشخطه بتقفل لحدي الرقبه

قال عنده أربعة أغنيات للمساح علي لكن مامعاهو (كورس) يعني شيالين ابوي قال لي طلعنا اربعة قلنا ليهو بنشيل معاك بس ردد العصاية كم مره يعني البيت الأول اها قال لي أجزناه وبعدها إجتمع مع اولاد المورده وبدات إنطلاقته الحقيقية ٠بالله شوف ناس امدرمان ديل عجيبين كيف ملتقي للثقافة والفنون!!!

تربية الخلاوي وحفظ القرآن الكريم وزهد وادب المسيد لها تأثير كبير في مستوي اللغة والثقافة وظهرت في اشعارهم واحد درويش قال لي؛ غوث الزمان كان مدور غناء ساي!!! وتظهر القصة دي؛

لو كان بعيد انواروا آخذه بدون سلوك!!!

الشجر أقلام جميع والنيل مداد

لو كتب اشواقي ليك ماعددا!

عينيك سحرهم يسحر سحر بابل يخترق الصدور!!

ماخدات في الجمال جائزة نوبل!

سيده وجمالها فريد

خلقوها زي ماتريد!!!

(المقصوده ملكة بريطانيا في ذاك الوقت)

الزول يلدوه يؤذن له في أذنه وتذبح الكرامة وبعد أسبوع السماية والطهور برضو ذبيحة والجمال واللمة والطيبة ياخي البكاء كان لذيذ وفيه لمة عجيبه وتعريف بالأهل دا خالك ودا عمك ودا جدك هسه تلقي اهل إلا تعرفهم بالصدفة ياحليل الهادي (الضلالي)

يفطمك الشيخ ويعزم ليك ويعلمك القرآن ويربيك والشارع يربيك والنفوس متطايبه!! جيبتو الحروب والعنصرية والضغائن كلو للمكاسب الشخصية وحب التملك والسيادة والانانية والحسد والمحسوبية!!!

يانس ختو الكوره واطه ورجعونا للصفو الأول والطيبة والمحنة ولمة الجيران والحبان والتكافل الشعبي تعبنا من الجفاء وقساوة القلوب!!

أتري هل يعود ذا الزمن؟؟؟؟

كسرة

ناس ابورروف سمع وشوف

خالنا التوم رحمه الله جزار وبحب العضة السمحة اها شباب الحلة معذبنوا يعمل الحلة طاعمه ومظبطة يجوا يتكلوا معاه يظبطوا امورهم ويقوموا بالحلة عظم مابفضلوه! يوم ضرب كديس كبير تاعبوا وطوالي قطع الراس بالسكين وختاهو في راس البيت سلخ الكديس وجدع ليهو بصلات وعمل الحلة لما قربوا يجو عمل فيها قدحة توم اها اول من بقوا علي العشاء جاب الحلة قالوا ليهو الطعم لذيذ ضابح شنو؟ قال ليهم(رستو) معناها عتوت صغير وهو طبعا قال بطنوا واجعاه هم بياكلوا وهو يقول ( ناوووو ناوووو) الجماعه ماإنتبهوا الصباح شال راس الكديس ووقف ليهم في المحطة ماشين اشغالهم دا شنو قال ليهم أكلتوه امس تاني مابطلع ناوووو ناووو!!!

المرحوم الفاتح الصباغ جاتو واحدة من الحلة قالت ليهو تلفزيوني إتسرق وشالوا فلان من الحلة قام رسل للسارق وقال ليهو رجع التلفزيون للزوله دي قال ليهو انا ماشلتو يااستاذ!!! الصباغ قال ليهو انا شفتك شلتو لما كنت بقرأ في النشرة!!! طوالي مشي جاب التلفزيون!!!!

هسه انا شفتكم وانا بكتب في المقال رجعوا لينا حاجاتنا الزمان!!!!