رؤية جديدة السودان

✍ أحلام محمد الفكي : الكهرباء تعود ولكن ستظل المنازل مظلمة

-

من بين الأخبار السارة التي تناقلتها الوسائط الاخبارية اليوم، عودة الكهرباء إلى معظم المواقع الاستراتيجية في العاصمة الخرطوم،

على أن تمتد تدريجيًا إلى الأحياء والمنازل.

خبر طالما انتظره المواطن السوداني بشغفٍ وأمل، إذ لا حياة بلا كهرباء، ولا استقرار بلا طاقة.

لكن خلف هذا الضوء العائد... ظلامٌ آخر يخيم على البيوت.

فالكهرباء، وإن عادت إلى الأعمدة، فالكثير من المنازل بلا كوابل، ولا عدادات، ولا طبلونات.

الأسلاك سُحبت من الجدران، والعدادات نُزعت، وأبواب البيوت المهدّمة شاهدة على ما حدث.

نعم... ستضيء الشوارع، لكن داخل البيوت سيظل الظلام سيد الموقف.

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة:

من يتحمّل كلفة إعادة الوصل؟

فالسوق اليوم يئنّ من الارتفاع الجنوني للأسعار — كابل الكهرباء الواحد في سوق السجانة تجاوز الثلاثة مليارات جنيه!

فكيف لإنسان بلا عمل، بلا دخل، أن يعيد بناء ما تهدّم؟

كيف له أن يعيد مدّ الأسلاك في جدرانٍ مثقوبة، وهو بالكاد يستطيع شراء قوت يومه؟

الحديث هنا ليس عن الرفاهيات — لا ثلاجات ولا غسالات ولا مراوح — بل عن "العضم الأساسي": التيار نفسه مصدر الحياة عصب المدن.

أمام هذا الواقع، يبرز سؤال أعمق:

ما الحل؟

هل تترك الحكومة المواطن يواجه مصيره وحيدًا أمام فواتير الخراب؟

أم تُطلق مبادرات وطنية ومجتمعية لإعادة التأهيل، على الأقل في الأحياء المتضررة؟

هل يمكن لشركات الكهرباء أن تطرح برامج تقسيط أو دعم جزئي للمواد الأساسية؟

وهل يمكن للمغتربين أو رجال الأعمال أن يمدّوا يد العون في مشروع “إضاءة الوطن من جديد”؟

لقد مرّ السودان بظروف قاسية، لكن كل أزمة كانت تُخرج من رحمها ضوءًا جديدًا.

ربما تكون عودة الكهرباء اليوم بداية جديدة، لا لتشغيل المصابيح فحسب، بل لإشعال شرارة الوعي والمسؤولية الجماعية.

فلنستعد النور... بالعزم، والتعاون، والإرادة الصلبة.

فالكهرباء الحقيقية ليست تلك التي تسري في الأسلاك، بل تلك التي تسري في قلوب الناس عندما يتكاتفون من أجل وطنٍ

اذا لنُضيء السودان من جديد... معًا.

وما التوفيق إلا من عند الله.