✍ أحلام محمد الفكي : من أعماق السودان ؛ كفى قلقاً نريد سنداً

ثلاثة أعوام تكاد تكتمل على الكارثة والمشهد يتكرر كفيلم باهت مملّ، لا تتبدل فيه سوى أسماء المدن التي تلتهمها نيران الحرب. بينما الشعب السوداني الأبيّ يتجرع مرارة القتل والنزوح والجوع، تستمر العواصم والمنظمات في إصدار بياناتها الرتيبة:
( قلق بالغ، ندين بشدة، نتابع الوضع بقلق...)
قلق متراكم لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يوقف رصاصة، ولا يعيد نازحًا إلى بيته!
أين أنتم يا من شاركناكم الرخاء والشدة؟
أين المعاهدات والاتفاقيات التي خطت بمداد الأخوة والتاريخ المشترك؟
أين الذين ارتوت أراضيهم بخيرات هذا النيل ورجاله؟
أين الذين دافعنا عن قضاياهم وشاركنا في ميادين العز معهم؟
أين الذين فتحنا لهم ديارنا للاجئين وقاسمناهم كسرة خبزنا؟
اليوم، وقد حصدت السودان شوك ما زرعه الإهمال والتخاذل، بات واضحاً أن الامتحان الحقيقي قد بدأ.
لم يعد هناك مجال للتعويل على بيانات الإدانة الجوفاء. هذا هو يوم الحساب، يوم يمتحن فيه الصدق وتُكشف فيه معادن الرجال والأوطان. هذا قدرنا، أن نواجه هذا التمرد الشرس وحدنا، ونحن محاطون بعيون متفرجة أو ربما متآمرة. لا تنتظروا عوناً من الخارج فالعالم اليوم يتكالب أو يتخاذل.
هي معركتنا وسنخوضها بإرادة لا تنكسر وبسالة لا تلين. قوموا إلى جهادكم! يرحمكم الله.
في ظل هذا المشهد المأساوي، حيث تتوالى البيانات الخجولة وتتزايد الشبهات حول دعم خفي للتمرد، يتعين على الحكومة السودانية وأجهزتها الأمنية رفع سقف الحذر واليقظة إلى أقصى مستوياته. إن النوايا الغامضة والتصريحات المزدوجة لبعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وغيرها ممن تبدو مواقفهم متقلبة تتطلب يقظة قصوى. لا مجال للثقة العمياء أو التفاؤل الساذج. يجب قراءة المشهد الدولي بعين ثاقبة تدرك أن مصالح الدول هي بوصلتها، وأن مصير هذا الشعب الطيب والبسيط بات هدفاً لمحاولات الإبادة والتقسيم. لنستبدل القلق بالعمل، والتنديد بالجهاد، والبيانات بالنصر.
يا سادتي المترددين في العواصم القريبة والبعيدة: إن الوقوف على الحياد في معركة بين الحق والباطل، بين شعب يدافع عن وجوده وميليشيا ترتكب أبشع الجرائم، هو مشاركة صامتة في الجريمة. التاريخ لن يرحم، والشعب السوداني لن ينسى من خذله في محنته الكبرى.
كونوا سنداً... لا مجرد صوتاً قلقاً..
نصرالله قواتنا المسلحة ومن معهم على طريق الحق ..والمجد والخلود لشهداء الوطن.

