بعثة دولية تحقق في فظائع الفاشر.. والموقف السوداني يرحّب ويحذّر تقرير : آمنة السيدح

تقرير : آمنة السيدح
إعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم وبالإجماع، قراراً يقضي بتشكيل بعثة دولية للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة التي شهدتها مدينة الفاشر عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليها. القرار جاء في لحظة فارقة، بعدما تزايدت الشهادات حول جرائم مروّعة طالت المدنيين، من قتل على أساس عرقي وإعدامات جماعية واغتصاب وخطف، في واحدة من أسوأ فصول الحرب الدائرة في السودان.
حرب بالوكالة..
المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، لم يُخفِ صدمته. فقد وصف ما حدث في الفاشر بأنه "من أخطر الجرائم" التي كان يمكن تفاديها، محذراً من أن السودان بات ساحة "حرب بالوكالة تُخاض للسيطرة على موارده الطبيعية". وهي إشارة صريحة إلى أن الأزمة تجاوزت حدودها الداخلية، لتتحول إلى صراع دولي تتقاطع فيه أجندات إقليمية ومصالح اقتصادية متشابكة.
ترحيب بقرار الإدانة..
وفي المقابل، رحّبت وزارة الخارجية السودانية بقرار المجلس، معتبرة أنه وضع النقاط على الحروف وكشف بوضوح طبيعة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيا المتمردة وحلفاؤها في الفاشر. البيان الرسمي شدّد على أن القرار عزّز موقف السودان القانوني والسياسي من خلال إدانة الانتهاكات ورفض أي محاولات لخلق سلطة بديلة في المناطق التي احتلتها الميليشيا.
كما أكدت الوزارة التزام الحكومة بالتعاون مع آليات حقوق الإنسان المعتمدة، وعلى رأسها المكتب القطري للمفوضية السامية والخبير المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، مع التحفّظ على أي آليات إضافية لم توافق عليها الخرطوم مسبقاً. وهو موقف يعكس رغبة الحكومة في فتح أبواب التعاون، دون التفريط في سيادة الدولة أو السماح بفرض آليات خارجية محل خلاف.
إنهاء للإفلات من العقاب
القرار الدولي، الذي حمل إجماعاً نادراً، يمهد لمرحلة جديدة من التعاطي مع الملف السوداني، قائمة على كشف الحقائق وتحديد المسؤوليات ووضع نهاية لدوامة الإفلات من العقاب. كما يوجّه رسالة قوية بأن الفاشر لن تُترك خارج دائرة العدالة، وأن معاناة أهلها أصبحت قضية دولية لا يمكن تجاهلها.
هكذا يدخل ملف الفاشر المشهد العالمي من بوابة التحقيق الدولي، فيما تبقى الأنظار معلّقة على مدى قدرة هذا التحرك على حماية المدنيين ووقف تمدد الانتهاكات في مناطق أخرى من السودان.

