✍ د. إيناس محمدأحمد : الرباعية ؛ سيناريو معاد

في الفترة ما بين 1992و 1995م شهد العالم كارثة انسانية كبري تمثلت في الحرب الأهلية التي اندلعت في البوسنة والهرسك وحدثت مجازر وجرائم فظيعة كانت وصمة عار علي جبين الإنسانية ، استمرت هذة الحرب ثلاث سنوات الي ان تدخلت اطراف دولية اميركية و روسية واوربية في اقناع الأطراف المتحاربة للدخول في مفاوضات سلام عقدت في دايتون في الفترة ما بين 1الي 25 نوفمبر 1995م ، ثم تم التوقيع الرسمي في 14ديسمبر 1995م في باريس .
تم التوصل الي اتفاق فعلا أوقف الحرب وقدم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب للمحكمة الجنائية الدولية ، لكنه اتفاق متناقض في كثير من النقاط مثلا ، نص علي وحدة الدولة وعند التنفيذ قسمها الي قسمين ، وتعرض لانتقادات كثيرة فيما يخص حقوق الإنسان ، و رغم كل هذة الانتقادات لا زال العالم يتخذ (اتفاق دايتون) نموذجا لحل النزاعات المسلحة والحروب الأهلية ويتم طرح نفس السيناريو كلما حدثت أحداث مماثلة او قريبة الشبه.
وعليه يترقب السودانيون في 29 يوليو الجاري اجتماع الرباعية الدولية المقرر ان يعقد في واشنطن للعمل علي وضع خطوات لوقف الحرب في بلادنا بعد تعثر الكثير من المحاولات الإقليمية والدولية ، من الارهاصات الاولية للاحداث والمتابع لتفاعل الولايات المتحدة تجاة الحرب في السودان نستطيع ان نتصور انها تريد عبر الرباعية (الولايات المتحدة الأمريكية و مصر والسعودية والامارات) تطبيق نفس النموذج علي السودان مع الاختلاف في كثير من النقاط ، لكن هل تستطيع الرباعية حل( الازمة) في السودان علي ذات النسق ؟؟ سؤال مشروع !! .
ثم ماهي مصالح تلك الدول (الأربعة) في السعي لاحلال السلام في السودان وإضافة (قطر و بريطانيا) فيما بعد لتصبح (السداسية)؟؟؟ سؤال أيضا مشروع !!! .
بعد توقف منبر جدة نهاية 2023م ، وفشل مساعي منظمة الايقاد في يناير 2024م بالإضافة لفشل الكثير من المبادرات الإقليمية نتيجة لذلك ، اذداد قلق الولايات المتحدة الأمريكية تجاة الحرب وما يترتب عليها من( تغيير جيوسياسي ) لذا سارعت ضمن فريق الرباعية لتجهيز خارطة تسوية (ملزمة) وتحت اشراف دولي قوي لضمان التنفيذ الفعلي بوقف العمليات العدائية ومرور المساعدات الإنسانية للمدنيين ، والدخول في مفاوضات سواء مباشرة او غير مباشرة ، والا سيتم تطبيق عقوبات دولية لمن يمتنع عن تنفيذ التسوية(الرباعية) او (السداسية) ايا كانت ، وحتي يرضخ الشعب السوداني لهذة (التسوية) ويوافق علي بنودها سيتم تقديم حزمة من الإجراءات لاعادة التنمية و الاعمار وانعاش الاقتصاد الوطني ومنح الحكومة بعض المنح والتكفل بتقديم مساعدات وقروض لاعادة ما دمرته الحرب ، كما حدث في اتفاق دايتون بالضبط.
هذة الدول لكل منها مصلحة (منفردة ) لوقف الحرب في السودان منها من يخشي ان تسيطر روسيا علي (البحر الاحمر ) عبر قاعدة بحرية ، ومنها من يطمع في ثروات البلاد وأولها الذهب ، ومنها من يخشي توطيد العلاقات الاقتصادية مع الصين او إيران او تركيا ، ومنها من يخاف علي أمنه القومي لذلك يسعي لإيقاف الحرب ، لكن (اخبثهم) من تسعي لتأجيج واستمرار الحرب وتمول المليشيا لتحقيق اجندتها الصهيونية وتتظاهر امام العالم بأنها (راعية للسلام) !!!!!
اي مفاوضات او مبادرات تشارك فيها دويلة الشر لن تجد ترحيب او قبول من الشعب السوداني ، لن يثق فيها الشعب السوداني ولو تعلقت بأستار الكعبة.
السيناريو القادم اتوقع ان تضع الرباعية وثيقة تتوافق عليها القوي الدولية مع (بعض) القوي السياسية السودانية( عديمة الضمير والجماهير ) ، لكنها قطعا لن تتوافق مع المصالح الوطنية للشعب السوداني ولن تضمد جراحه بل ستكون خيانة لدماء الشهداء وعار علي أمة انتصرت بايمانها ووحدة ابنائها.
في كل الأحوال لا الرباعية ولا السداسية ولا العالم اجمع يستطيع أن يضع حلا للحرب ، السودانيين فقط هم أصحاب الحل الوطني ،،ان لم يأتي الحل من داخل السودان وبواسطة الشعب السوداني فلن يستقيم السلام ولن يكون هناك استقرار وأمن .
اللهم انصر القوات المسلحة نصرا عزيزا يا الله سبحانك لا ناصر لنا الا انت