✍ أحلام محمد الفكي : الخرطوم ؛ خلايا نائمة وطابور خامس يهدد أمن العاصمة

لا يزال شبح الحرب يُلقي بظلاله الثقيلة على العاصمة السودانية الخرطوم، فبينما تتواصل جهود القوات المسلحة لتحرير الأحياء وإعادة الأمن، تبرز تهديدات جديدة قد تقوّض هذه الجهود وتُعيد المدينة إلى مربع الفوضى. إنها الخلايا النائمة والطابور الخامس، تلك الشبكات السرية التي تعمل في الخفاء لزعزعة الاستقرار وتسهيل عودة الفوضى.
أين يكمن الخطر؟
تكمن خطورة هذه الخلايا في أنها تتغلغل داخل النسيج الاجتماعي، وتستغل المناطق العشوائية والهامشية كنقطة انطلاق لعملياتها. ففي هذه الأحياء، يسهل على الميليشيات تجنيد المتعاونين، سواء من خلال الإغراءات المالية أو الترهيب، مما يجعلهم "عيوناً" و"أذرعاً" للميليشيا داخل المناطق المحررة.
لقد كشف ضابط متقاعد في الجيش عن خطورة هذه الشبكات في أحياء مثل دار السلام، مايو، الأزهري، السلمة، والدخينات. هذه الخلايا لا تقتصر مهامها على جمع المعلومات، بل شاركت أيضاً في عمليات إجرامية مثل الاغتيالات، والنهب، والاغتصاب، والتهجير القسري.
إن مواجهة هذا التهديد لا تتطلب فقط عمليات عسكرية، بل تتطلب أيضاً استراتيجية أمنية وقضائية متكاملة.
ان تفعيل قانون حماية الشهودمهم جدا .
ويشكل الخوف من الانتقام عقبة كبرى أمام المواطنين للإبلاغ عن المتعاونين. لذلك، يجب وضع آليات فعّالة لحماية الشهود وضمان سرية هوياتهم ومعلوماتهم.
أيضا المحاكمات السريعة والرادعة: إن إطالة أمد المحاكمات قد تبعث برسالة خاطئة للمجرمين. يجب أن تكون المحاكمات سريعة وعلنية (مع حماية الشهود) لتكون بمثابة عبرة للآخرين.
لقد واجهت العديد من الدول تحدي الخلايا الإرهابية والنائمة، ونجحت في التعامل معها من خلال استراتيجيات متعددة الأبعاد.
*منها التعاون الاستخباراتي والمجتمعي في العديد من الدول، مثل المملكة المتحدة وإسبانيا، كان التعاون بين الأجهزة الأمنية والمجتمعات المحلية عاملاً حاسماً. عبر برامج التوعية، يتم تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة.
* تجفيف منابع التمويل: استراتيجيات مكافحة الإرهاب الحديثة تركز على تتبع الأموال التي تصل إلى هذه الخلايا وتجفيف مصادرها، مما يحدّ من قدرتها على العمل.
* إعادة التأهيل: في بعض الحالات، تم اعتماد برامج لإعادة تأهيل الأفراد الذين تم تجنيدهم، خاصة الشباب، وإعادة دمجهم في المجتمع بعد تلقيهم الدعم النفسي والاجتماعي.
إن أمن الخرطوم والولايات الأخرى ليس مسؤولية القوات المسلحة وحدها، بل هو مسؤولية مشتركة تتطلب وعياً مجتمعياً، وتنسيقاً أمنياً، وإصلاحاً قضائياً لضمان أن تظل البلاد آمنة ومستقرة.