رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍فريق شرطة (حقوقي) محمود قسم السيد : الدِّينُ بُوصْلَةُ الإِنْسَانِ فِي مَتَاهَاتِ الْكَوْن

المقدّمة:

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة التقدّم العلمي، وترتفع أصوات التكنولوجيا والحداثة، بات الإنسانُ يظنّ أنه اكتفى بذاته، وغفل في زحمة المعارف عن الحقيقة الكبرى ، إن العقل، مهما علا، يظلّ قاصرًا عن إدراك غايات الوجود، وسُنن الحياة، ومآلات ما بعد الموت .

هنالك أسئلةٌ فطرية منطقيه تفرض نفسها على الإنسان:

من أنا؟

ومن أين أتيت ؟

ما رسالتي في هذه الحياة؟

ثم ماذا بعد الموت؟ قال تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (الإسراء: 85)

تقريرٌ ربّاني يضع الإنسان – مهما بلغ من العلم أمام حدود إدراكه وضعف أدوات، هذه الأسئلة لن يجد لها الإنسان من الوحي الرياني ، الدين والعقل تكامل لا تصادم فالدين ليس نقيضًا للعلم، بل مكملٌ له، لا يُقصي العقل بل يهديه، ويضبط مساره. إنه النور الذي يكشف دروب الحيرة، والبوصلة التي ترشد القلوب في متاهات الدنيا، حين تتضارب الأهواء وتختلط المصالح وتخبو البصائر. قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾ (الجاثية: 23)

وقال تعالى: ﴿فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ (غافر: 83)

فاعلم إن لم يُهتدَ به،يُصبح سببًا للغرور والضياع.

_الإنسان بلا دين دآبة دون هداية من دون الدين، تتشوّه إنسانية الإنسان؛ إذ يصبح عبدًا لهواه، لشهواته، أو لأصنام العصر: المال، الشهرة، المتعة. يفقد بوصلته، ويتحول إلى كائنٍ ماديّ بلا روح. قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56) ، وقال تعالى: ﴿وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلْآخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ﴾ (الرعد: 26)

فالدنيا، مهما زُيّنت، لا تُغني عن الإيمان، ولا تمنح الإنسان المعنى والغاية.

الدين نظام حياة متوازن و الإسلام ليس طقوسًا جامدة، بل هو شريعةٌ متكاملة تنظم وعلاقة الإنسان بربه، وبذاته، وبالناس من حوله. إنه يربي الضمير، ويزرع الرحمة، ويقيم العدل، ويهذّب السلوك، ويجعل القيم حيّةً في كل موقف. قال النبي ﷺ: «تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي» (رواه الحاكم) فالدين سكينة وسط العواصف في عالمٍ يضج بالقلق الوجودي والاضطراب النفسي، يبقى الدين هو الملاذ الآمن، والملجأ المطمئن، يمنح الطمأنينة العميقة التي لا توفرها العقاقير ولا الشاشات ولا ضجيج العالم. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28)

الخاتمة:

الدين ليس عبئًا على الحضارة، بل صمّام أمانٍ لها. فالعلم يُنتج الطاقة، والدين يوجّهها نحو البناء لا التدمير. وإن أشرقت الحضارات المادية بإنجازاتها، فإنها لا تضيء قلوب الناس إلا إذا أضاءتها بنور الإيمان: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ (الزمر: 69)

إن الدين هو الحقيقة العظيمة ، التي بدونها يضيع الإنسان في خضم الحياة المادية القاسية وهو البوصلة التي تعيد للروح اتجاهها ، هو الحياة حينما تصبح الحياة بلا روح ، هو الميزان الذي تستقيم به الحياة الدنيا.