✍ محمد حامد جمعة نوار : ود أم روابة

أسمه عبد الرحمن . بائع خضار وقطفا من الفواكه . ألطف ما فيه بخلاف الروح المرحة ممارسته لمهنته وهو في كامل أناقة بلدية .جلباب وسديري وعمامة . ويزيد عليها بغطاء نظارة سوداء تذكرني دوما الراحل المسرحي والمربي المهيب الفكي عبد الرحمن . يجلس عادة على ميمنة تل ما يعرض . يشرف على صبية من أهله كعمال . لكنه ثنهض لخدمة بعض الزبائن الذين يمنحهم خصوصية الإكرام .ويصر كثيرا على كوب شاي او قهوة .وبتكرار المرور عليه عرفت أنه من (ام روابة) ودلني قبلا على ذلك (قيافة اهل كردفان) وسحنة تتوزع على كل الجهات ولطف عشائري في ادارة عماله . يعاملهم بتقدير رحيم وارشادات لا تنقطع به في توجيهات تتعلق بعزاء او عيادة مريض او دفع في كشف .

للامانة صار مروري بالرجل سوانح لجميل أنس وضحكات تعبر بي فوق كثير من الضيق . ففي الرجل ذاك المحتوى العفوى من القصص والحكايا وزوايا اراء احار أحيانا كيف تتاح لبائع تحت الهاجرة . مثلا حينما آتيه في سعة من الوقت يتدحر أحيانا فيتحدث لي عن الخرطوم زمان .وعهده حينما كان جنديا في عهد النميري ويذهبون للعشاء في منطقة (أتني) الحالية ! ينتقل بي الى مدني ويتحدث عن (سنطة) ثم ينعطف الى الابيض فيتكلم عن (دقق)

2

هو بائع موهوب . لاحظت انه من مجلسه وبطريقة مدهشة يقنع الزبون الذي يطلب صنفا معينا بشراء صنف أخر . فان طلبت كيلو موز له قدرة على اقناعك بشكل سلس بإضافة أخر ثم يسيل لعابك على (بطيخة) ! يفعل ذلك بحجية اقناع ناعمة .دون ان يالجج او يلح .ولاحظت أنه يترفق بكل طالب صنف .إن اتيت بثمن يقل كاملا عن القيمة يرفض بشروحات لطيفة ثم قبل ان ينصرف الطالب تدركه رحمة مغروسة في طبعه فينادي الطالب . تعال يا زول ! يدس الجنيهات في جيبه ثم ينهض بنفسه يكيل ولا ينقص . أسمعه الناس ظروفا مقدرة ! ربنا يلطف بالجميع . ليعود لمجلسنا يوصي عامله بالله ما تقصر مع نوار ! ولدنا ومريخابي صفوة ومطوفش ما بفرز طماطم الملاح من الاكل ????

3

اليوم وجدته ينصت لعبد العظيم حركة وقلبي ما بعرف يعادي . لاحظت بشكل محير ان هذه الاغنية تتقاطر الى الاسماع من كل فضاء . قلت له الليلة مبسوط قال لي بالله هلاوي دا مش متعة . اردف يقول وهو يتمايل غير هياب لتبسمات عماله ( كل زول يظلمنا ياما نشيل عذاب ظلمو ابتسامة) قال لي شفتني يوم صاري يا نوار ؟! قلت لا والله . اها انا في الحياة دي نظامي كدا كل زول يظلمنا ياما نشيل ظلمه إبتسامة ! ثم دفع بدعوته المعتادة شاي ؟ قهوة . قلت بضجر ياخ دي سخانة شاي . ظبط لي السلطة وخارجنا فقال يقتطع من النص (الطماطم العندي شيلا شيلا) فقلت وذكرى الريد الجميلا شنو ..قال البطيخ دي . وحرم ما تدفع . قلت شاكرا يا عبد الرحمن عاوز اصورك وأكتب عنك فقال مرتعبا ..لا لا . ياخ انت كتبت عن (قزقز ) جاني هنا مبسوط بعد يومين ضربتو كوليرا .قرب يموت . انت خليت شراب الهلال قبلت على أصحابك .