✍ آمنة السيدح : تنظير ؛ جيل الكرامة والصمود
عاشت الخرطوم اليوم فرحة كبيرة وعارمة شملت كل محليات الولاية وذلك بإعلان نتيجة امتحانات الشهادة الابتدائية المؤجلة من العام 2024م، وأعتقد أن النجاح الحقيقي هو عقد الامتحان في كل محليات الولاية، لأنها كانت منقوصة في العامين الماضيين، ولأن بعض المحليات كانت لم تحرر بعد، أما النجاح الثاني فهو إعلان النتيجة من مقر وزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم بمحلية بحري، والنجاح الثالث يتمثل في عدم حدوث مشاكل من أي نوع أثناء الامتحانات أو التصحيح، ولن يفوتنا بالطبع الظروف القاسية التي تمر بها الولاية بسبب قطوعات الكهرباء، وبالرغم من كل هذه الأسباب لكنها لم تحول دون حصول التلاميذ على نسبة نجاح كبيرة وصلت ل (71.3٪)، وهي نسبة يصعب الوصول إليها في الأوضاع الطبيعية ناهيك عن الأوضاع التي يعيشها هؤلاء الأطفال الذين حق أنا أن نطلق عليهم جيل الكرامة والصمود، وحق للوالي أن يتفاخر بهذا الجيل الذي هزم الصعاب، وتحدى المحن، ولم يستسلم للظروف، لذا يجب أن نشد علي أيدهم ونفرح بالمجاميع التي حصلوا عليها مهما كانت، وإذا أردنا أن نذهب أكثر فعلى الدولة والمجتمع أن ترعى كل الدفعات الممتحنة منذ اندلاع الحرب، لأنهم قادة المستقبل، ولأنهم هم من سيعبرون بهذا البلد إلى بر الامان وهم من سيحققون الحلم.
سادتي هؤلاء الأطفال أو الاشبال هم أبناء وأحفاد الأسود الذين صبروا على ويلات الحرب، وتذوقوا مرارة النزوح واللجوء، أو حتى العيش في مناطق وجود التمرد، وإذا أجرينا معهم حوارات جادة ستجدون النقوش التي رسمتها الحرب بدواخلهم، وبرغم ذلك امتحنوا وتفوقوا.
ولن يفوتني سادتي أن أتقدم بالشكر الذي يليق بالمعلمين وألاساتذة الذين قدموا لهؤلاء التلاميذ كل ما بستحقون، وفي ظروف بالغة التعقيد بالنسبة لهم ولأسرهم، لكنهم لم يستسلموا لتلك الظروف، ولم تتغلب عليهم وتجعلهم يتقاعسوا أو بتخاذلوا في بذل العطاء بلا حدود، وذلك ما يميز معلمي بلادي، فالتحية والتقدير نرسلها لهم كاملة غير منقوصة.
أما ولاية الخرطوم ووإليها الهمام احمد عثمان حمزة فقد حق له أن يكون أول الحاضرين للمؤتمر الصحافي لإعلان النتيجة، لأنه سيرى حصاد زراعته وكيف أثمرت، فهذه الامتحانات الأولى التي انتظمت في كل محليات الولاية، وان غالبيتها كانت محررة قبل وقت قريب من عقد الامتحانات، فظن البعض أنها ستفشل في تنظيمها، وهو الآن يمسك ببعض صحائف كتابه ويقول هاؤم أقرءوا كتابيه، فالتحيات الطيبات للوالي والمدراء التنفيذيين بالمحليات ولكل العاملين في وزارة التربية والتعليم.
واذا كانت الفرحة تعم الآن غالبية البيوت، فإن هناك من لم يستطع الحصول على مجموع النجاح فهو وأسرته قطعا سيكون الحزن مخيم عليهم، ولكننا نقول له ولأسرته قبله إن القادم أجمل بإذن الله، والامتحانات المقبلة قريبة جدا، فسوف يكون في مقدورهم الجلوس اليها، وبقليل من الدعم والاجتهاد سيلحقون باقرانهم، ونقول لهم إن الظروف كانت صعبة جدا، ولكنهم اقوى منها، وسيعملون المستحيل للعبور لشاطئ النجاح فيفرحوا وتفرح عائلاتهم ونصل جميعنا لغاياتنا.
فيا أهل السودان يجب أن تتم رعاية هذا الجيل الرائع المتفرد، وأن يمنح الإهتمام الكامل، لانه جيل عاش في (العمار) ثم قاوم (الدمار) والآن يشارك في إعادة الإعمار.
