✍ آمنة السيدح : تنظير ؛ الإتحاد الأفريقي المصالح أولا

بعد إعلان رئيس الوزراء د. كامل إدريس طلب الاتحاد الأفريقي للسودان للعودة لمقعده في الاتحاد من جديد، بعد فترة تجميد عضويته، تأتي هذه الدعوة لتحمل الكثير من الدلالات والفرص، رغم أن بعض الدول الأفريقية ما زالت تتخذ مواقف معادية أو غير ودودة تجاه الخرطوم مثل تشاد وكينيا وإثيوبيا، لكن السياسة في النهاية ليست قائمة على العواطف بقدر ما تُبنى على المصالح والقدرة على إدارة التوازنات، خاصه بعد تعين حكومة مدنية مكتملة الأركان فليس هناك عذرا لبقاء السودان خارج المنصة الأفريقية الكبري والتي كان أحد مؤسسيها.
سادتي أول الفوائد تتمثل في أن السودان يستعيد شرعيته الإقليمية، ويعود للجلوس على طاولة القرارات الأفريقية، بدل أن يكون موضوعاً للنقاش في غيابه، فوجود صوت السودان داخل الاتحاد يمنحه القدرة على الدفاع عن مصالحه، وتفنيد المواقف العدائية بدلاً من تركها تمر دون رد، أو حتى بالرد عن بعد وهو أقرب للرد الإعلامي منه للمباشر.
الفائدة الثانية سادتي هي أن السودان يمكن أن يستفيد من آليات الاتحاد الأفريقي في دعم السلام والإستقرار، خاصة في ظل الحرب الراهنة، فوجوده ضمن المنظمة يمنحه فرصة للمطالبة بالوساطة الأفريقية، والحصول على دعم في ملف المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار مستقبلاً.
وبالطبع، لا يمكننا تجاهل البعد الإقتصادي، فالاتحاد الأفريقي منصة لتسهيل التجارة البينية، والإنضمام لمشروعات كبرى مثل منطقة التجارة الحرة القارية، وهذا يفتح للسودان أبواباً جديدة للإستثمار والتبادل التجاري، بعيداً عن العزلة، مع الأخذ في الإعتبار أن الإقتصاد السوداني في الوقت الحالي يحتاج للدعم أكثر من أي وقت مضى.
صحيح أن بعض الدول تتخذ مواقف معادية، لكن مواجهة هذه المواقف تكون بالحضور القوي والدبلوماسية النشطة، لا بالغياب، فالاتحاد الأفريقي مهما كانت تناقضاته، يظل بيتاً جامعاً للسودان، ونافذةً تتيح له العودة إلى الساحة الأفريقية بفاعلية.
إذن سادتي العودة ليست مجرد إجراء شكلي، بل فرصة لإثبات أن السودان قادر على إدارة خلافاته بذكاء، وأنه طرف لا يمكن تجاهله في مستقبل القارة.