✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ لن ننكسر ولن نتراجع

في زمنٍ تشتد فيه الأزمات، وتتعاظم التحديات، يعلو صوت الإرادة فوق الركام ليقول: سنصمد لبناء السودان. فالوطن لا يُبنى في لحظات الراحة، بل في ميادين الصبر والعزيمة، حين تتكسر الأحلام على صخور الواقع، ويظل الأمل وحده واقفًا لا ينحني.
لقد مرّ السودان بأصعب المراحل في تاريخه الحديث، لكن جذور هذا الشعب العريق أعمق من أن تقتلعها رياح الحرب، وأصلب من أن تذيبها نار الفتن. فمن رحم المعاناة يولد الإبداع، ومن صمت الألم تنبثق الإرادة.
الصمود ليس مجرد كلمة، بل موقف وواجب وضمير حيّ. هو أن نحافظ على إنسانيتنا وسط الفوضى، وأن نزرع الأمل في قلب اليأس، وأن نتمسك بوحدة الوطن حين يحاول البعض تمزيقه. فالسودان لا يقوم على الطين والحجر وحدهما، بل على الإنسان الذي يؤمن بقدره ودوره في صناعة المستقبل.
سنصمد لأننا أبناء هذا الوطن الطيب، نعرف أن كل صباحٍ جديد فرصة أخرى للبناء، وكل قطرة عرق تروي أرضًا تنتظر العودة إلى الحياة. سنعيد إعمار ما تهدّم، وسنغرس في كل ركن من أركان السودان روحًا جديدة، عنوانها العمل، وشعارها الأمل.
فليكن عهدنا أمام الله والتاريخ: لن ننكسر، لن نتراجع، وسنصمد لبناء السودان الذي نحلم به.
في كل لحظةٍ تمرّ على هذا الوطن الجريح، يولد فينا إصرارٌ جديد على الحياة. فالسودان — رغم الألم، رغم الحروب، رغم النزوح والدموع — ما زال واقفًا كالنخلة، شامخًا في وجه الريح، يرفض أن ينحني أو يذبل.
سنصمد لبناء السودان، لأن الصمود عندنا ليس خيارًا بل قدر، ولأننا تعلمنا من نيلنا أن نمنح الحياة حتى عندما يفيض بنا الجرح. سنصمد لأننا أبناء أرضٍ طاهرةٍ، سقيناها من دمائنا، وحملناها في قلوبنا كما تحمل الأم وليدها في أحشائها.
كل بيتٍ تهدّم سنعيد بناءه، وكل مدرسة أُغلقت سنفتحها من جديد، وكل حلمٍ وُئد سنحييه بالإرادة والعلم والعمل. فالسودان لا ينتظر من يعطف عليه، بل من يؤمن به. سيعود صوته في المحافل، وسيعود ضحكه في الأسواق، وستعود سمرته التي تجمع الناس حول فنجان قهوة في أم درمان، أو جلسة سمر في دنقلا، أو نيلٍ يحتضن أحلام الشباب في الخرطوم.
الصمود هو معركتنا الكبرى، وهو جسرنا لعبور المحن نحو وطنٍ يليق بتاريخنا. سنزرع الأمل في قلوب أطفالنا، ونعلّمهم أن السودان ليس بقعةً من الأرض فحسب، بل هو معنى للكرامة، ورمزٌ للعزة، ووطنٌ لا يموت فينا أبدًا.
فلتكن رسالتنا للعالم:
نحن لا ننهزم، ولا ننسى، ولا نستسلم. نحن قومٌ صبروا على الجفاف والجراح، وما زالوا يبتسمون لأنهم يؤمنون بأن فجر السودان قادم، لا محالة.
سنصمد لبناء السودان... وسننهض كما كنا دائمًا، كبارًا بالعطاء، عظماء بالإرادة، أوفياء للوطن. وسودان مابعد الحرب اقوي واجمل