✍أحلام محمد الفكي : الديمقراطية في مهب الجهل ؛ هل تقرر الأغلبية مصيرنا نحو الهاوية؟

هل تساءلت يوماً لماذا تتعثر بعض المجتمعات في طريق التقدم بينما تواصل أخرى الصعود بثبات؟
الإجابة قد تكون أقرب مما نتخيل وقد لمسها ببراعة الكاتب الروسي أنطون تشيخوف حين سُئل عن طبيعة المجتمعات الفاشلة ، عبارته كانت صادمة ولكنها دقيقة : "في المجتمعات الفاشلة يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية"
هنا تكمن الإشكالية الكبرى التي يطرحها المقال : الديمقراطية لا تصلح للمجتمعات الجاهلة ، فكيف يمكن لأغلبية غير واعية أن تقرر مصير أمة بأكملها؟
عندما يتصدر السطحيون المشهد. ...!!!
تخيل مجتمعا تتصدر فيه الموضوعات غير ذات الأهمية النقاشات العامة مجتمعا يجد فيه أصحاب المحتوى السطحي والموسيقى غير الهادفة الملايين من المتابعين والمعجبين بل ويتحولون إلى أيقونات رأي يُستشارون في شؤون الحياة والمجتمع ، في المقابل يظل العلماء، الكتاب، المفكرون، والمؤلفون في الظل، لا أحد يعرفهم ولا أحد يعطي قيمة لما يقدمونه من فكر أو علم.ط
هذا التناقض الصارخ ليس مجرد صدفة بل هو مؤشر خطير على طبيعة هذا المجتمع إنه مجتمع يفضل "التخدير" على "التفكير" شخص يضحكنا بشيئ غير مفيد أو يغيب عقولنا بالترفيه السطحي يصبح أكثر شعبية ومحبة من شخص يوقظنا للواقع ويؤلمنا بقول الحقيقة هذا الميل الطبيعي نحو اللهو والتخدير هو ما يجعل الديمقراطية في مجتمع كهذا أشبه بمخاطرة كبرى فإذا كانت الأغلبية تحب أن تُخدر فمن سيختار من يقودها؟
ومن سيحدد مستقبلها؟
وعندما يعاني مجتمع من الثالوث المخيف ؛ الفقر والجهل والمرض تصبح الديمقراطية تحدياً هائلاً فالفقر يحد من فرص التعليم والوعي والجهل يغذي القرارات غير الرشيدة والمرض يستنزف الطاقات ويقلل من قدرة الأفراد على المشاركة الفعالة والبناءة ، في ظل هذه الظروف تصبح الأغلبية عرضة للتلاعب وتصبح قراراتها مدفوعة بالعواطف أو المصالح الضيقة لا بالعقل والمنطق
كيف نتعامل مع هذا الواقع؟
إذا كانت الديمقراطية بنسختها الحالية لا تصلح لمجتمع يحمل هذه الصفات فما الحل؟
هل نتخلى عن الديمقراطية؟
أم أن هناك طريقاً آخر؟
المواجهة تبدأ من التعليم والتوعية يجب أن تكون الأولوية القصوى هي محاربة الجهل بكل أشكاله وتعزيز التفكير النقدي وتقدير العلم والفكر على الترفيه السطحي ، لا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي ومزدهر إلا إذا كانت أغلبية مواطنيه واعية قادرة على التمييز بين الغث والسمين وعلى إتخاذ قرارات مستنيرة تصب في صالح مستقبلهم ومستقبل أجيالهم
المستقبل رهن بقدرتنا على إيقاظ العقول فهل نحن مستعدون لمواجهة الحقيقة المرة أم سنبقى نرقص على أنغام التخدير الجماعي؟