رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الثلاثاء 2025/9/30م ✍ الهندي عزالدين : التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية ✍ عبدالماجد عبدالحميد : خسائر مليشيات التمرد تتوالى في الفاشر عضو مجلس السيادة د. سلمى تتسلم توصيات ملتقى إتحاد المرأة السودانية ✍ أم وضاح : بارا ليست كل المد ولا نهاية الحد مناوي : إستهداف المليشيا لمركز إيواء النازحين في الفاشر جريمة جديدة تضاف إلى سجلها الدموي وزير العدل يؤكد أهمية عكس جهود الدولة في مكافحة جريمة الإتجار بالبشر ✍ عزمي عبد الرازق : منصات التشويش إلى رماد ؛ تحول نوعي في معركة الفاشر وزير الطاقة يبحث مع سفير الصين بالسودان التعاون مع في قطاعي النفط والكهرباء وإعادة إعمار مادمرته الحرب ✍ د. محمد عثمان عوض الله : قراءة في حديث عضو السيادي السابق محمد الفكي سليمان لقناة الجزيرة والي سنار يشيد بمبادرة أبناء كركوج بالداخل والخارج لإعادة وتأهيل الخدمات الضروريةً وزير صحة النيل الأبيض يرأس إجتماع اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية

✍ عمار العركي : ضربة خارجية وإسقاط داخلي ؛ حين يتحول التحليل إلى أداة توجيه

▪️مقال "ضربة إيران" للكاتب عثمان ميرغني، لا يمكن اعتباره تحليلًا عادياً لحدث إقليمي، بل هو نموذج دقيق لما يمكن تسميته بـ" التحليل الرغائبي " حين يُحمّل الحدث الخارجي ما لا يحتمله، ليُسقط عبره مواقف مسبقة تجاه الداخل، ويوجه الرأي العام دون أن يُصرّح بذلك.

▪️والمفارقة أن الكاتب – فيما يبدو – يشعر بحدّة هذا الاختلال في منهجه، فيستبق النقد بدعوات دائمة لاستبعاد العاطفة والانحياز، ويستدعي عبارة "كنا قد حذرنا من قبل"، وكأنها تعويض استباقي عن عجز التحليل الراهن، أو محاولة لإضفاء مسحة عقلانية على موقف تحكّمه الرغبة لا الرؤية.

▪️ففي حين يُفترض أن يتناول المقال ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، نجد أن التحليل ينزلق سريعًا نحو تصفية حساب قديم مع "الحركة الإسلامية" في السودان. وهنا تكمن خطورة المقال: أنه يتجاوز القراءة الموضوعية إلى إسقاط داخلي صريح، عبر خلط غير بريء بين نظام إيران الشيعي، وتجربة سياسية سودانية ذات سياق ومرجعية مختلفة تمامًا. إنه خلط يفتقر للمنهج، ويستقوي على الفهم بتحوير المقارنة.

▪️المقال لا يناقش الموقف الإيراني تجاه الإقليم، أو تداعيات الضربة الإسرائيلية في بعدها الجيوسياسي، بل يتخذ من الحدث ذريعة لإعادة طرح خطاب إقصائي ضد أي تجربة سياسية ذات مرجعية إسلامية. وليس هذا بجديد، لكنه في هذه الحالة محمّل بخطورة مضاعفة، لأنه يتعامل مع مفاهيم شديدة الحساسية، كـ"الدين"، و"الهوية"، و"العدالة"، ويعيد تعريفها ضمن خطاب استبعادي مغلّف بلغة تحليلية.

▪️ثم ينتقل الكاتب إلى اختزال كل محطات تاريخ السودان الحديث في تجربة "الإسلام السياسي"، ويتجاهل عن عمد تعقيدات المشهد الوطني: من انقلابات عسكرية، وفترات حكم شمولية ويسارية، وتدخلات خارجية، وصولًا إلى الحرب الراهنة التي لا صلة لها بالحركة الإسلامية تنظيمًا أو تحريكًا.

▪️الأخطر في الطرح أن المقال يروّج لفكرة "فك الارتباط" بين الدين والسياسة، وهي دعوة تبدو عقلانية في ظاهرها، لكنها تحمل في جوهرها نزعة إقصائية خطرة، تنزع الشرعية عن كل من يتبنى مرجعية إسلامية كخلفية فكرية أو سياسية. وكأن الفضاء السياسي يجب أن يكون على مقاس سردية واحدة، لا تتسع لتعدد المدارس والرؤى.

▪️أما خاتمة المقال، التي تُلمّح إلى أن الضربة الإسرائيلية لإيران "قد تكون بداية جديدة"، فهي ذروة الانزلاق من التحليل إلى التوظيف: إذ تتحول عملية عدوان خارجي إلى لحظة يتمناها الكاتب لتحجيم تيار فكري داخلي، لا يروق له وجوده أو حضوره.

*خلاصة القول ومنتهاه :*

▪️المقال لا يقدّم قراءة متماسكة لضربة عسكرية أو لتحولات إقليمية، بل يوظّف الحدث الخارجي كمنصة لتوجيه السهام نحو الداخل، عبر تحليل يفتقر إلى التوازن، ويعبّر أكثر عما يُريد صاحبه أن يكون، لا عمّا هو كائن فعلاً.

▪️وإن كان من حق الكاتب أن يعبّر عن موقفه، فإن من واجبنا أن نُبيّن هذا النوع من التلبيس الذي يُخلط فيه الحدث الإقليمي بالخصومة الداخلية، وتُستبدل فيه القراءة بالتصفية، والفكر بالتوجيه.