رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الجمعة 2025/11/14م نقابة المحامين السودانيين ترحب بقرار مجلس حقوق الإنسان بإدانة إنتهاكات وفظائع مليشيا آل دقلو الإرهابية والمتحالفين معها والي الخرطوم يتفقد الوادي الأخضر والتلال بشرق النيل ويتعهد بدعم خدمات المياه والصحة والتعليم ✍ محمد حامد جمعة نوار : الإعلام الإماراتي ركز على مخاطبة السودانيين بعثة دولية تحقق في فظائع الفاشر.. والموقف السوداني يرحّب ويحذّر تقرير : آمنة السيدح رئيس مجلس السيادة القائد العام : الحرب لن تنتهي إلا بنهاية التمرد 4 آلاف أسرة تنتظر التدخل والصحة الإتحادية تعلن إلتزامها بمعسكر الأبيض ✍ د. ماجد السر عثمان : مراسي ؛ سبع عجاف ثم جاء أحمد مندوب السودان الدائم بجنيف يؤكد لمجلس حقوق الإنسان أن الجلسة الخاصةّ بأحداث الفاشر عكست إجماعاً دولياً على إدانة المليشيا الإرهابية وراعيتها الإمارات المقاومة الشعبية بالشمالية تكمل تدريب 71 ألف مستنفر الخارجية ترحب بقرار مجلس حقوق الإنسان بجنيف بإدانة مليشيا الدعم السريع صحة الخرطوم تتفقد مستشفيات العيون في اليوم العالمي للبصر

✍ عمار العركي : ضربة خارجية وإسقاط داخلي ؛ حين يتحول التحليل إلى أداة توجيه

▪️مقال "ضربة إيران" للكاتب عثمان ميرغني، لا يمكن اعتباره تحليلًا عادياً لحدث إقليمي، بل هو نموذج دقيق لما يمكن تسميته بـ" التحليل الرغائبي " حين يُحمّل الحدث الخارجي ما لا يحتمله، ليُسقط عبره مواقف مسبقة تجاه الداخل، ويوجه الرأي العام دون أن يُصرّح بذلك.

▪️والمفارقة أن الكاتب – فيما يبدو – يشعر بحدّة هذا الاختلال في منهجه، فيستبق النقد بدعوات دائمة لاستبعاد العاطفة والانحياز، ويستدعي عبارة "كنا قد حذرنا من قبل"، وكأنها تعويض استباقي عن عجز التحليل الراهن، أو محاولة لإضفاء مسحة عقلانية على موقف تحكّمه الرغبة لا الرؤية.

▪️ففي حين يُفترض أن يتناول المقال ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، نجد أن التحليل ينزلق سريعًا نحو تصفية حساب قديم مع "الحركة الإسلامية" في السودان. وهنا تكمن خطورة المقال: أنه يتجاوز القراءة الموضوعية إلى إسقاط داخلي صريح، عبر خلط غير بريء بين نظام إيران الشيعي، وتجربة سياسية سودانية ذات سياق ومرجعية مختلفة تمامًا. إنه خلط يفتقر للمنهج، ويستقوي على الفهم بتحوير المقارنة.

▪️المقال لا يناقش الموقف الإيراني تجاه الإقليم، أو تداعيات الضربة الإسرائيلية في بعدها الجيوسياسي، بل يتخذ من الحدث ذريعة لإعادة طرح خطاب إقصائي ضد أي تجربة سياسية ذات مرجعية إسلامية. وليس هذا بجديد، لكنه في هذه الحالة محمّل بخطورة مضاعفة، لأنه يتعامل مع مفاهيم شديدة الحساسية، كـ"الدين"، و"الهوية"، و"العدالة"، ويعيد تعريفها ضمن خطاب استبعادي مغلّف بلغة تحليلية.

▪️ثم ينتقل الكاتب إلى اختزال كل محطات تاريخ السودان الحديث في تجربة "الإسلام السياسي"، ويتجاهل عن عمد تعقيدات المشهد الوطني: من انقلابات عسكرية، وفترات حكم شمولية ويسارية، وتدخلات خارجية، وصولًا إلى الحرب الراهنة التي لا صلة لها بالحركة الإسلامية تنظيمًا أو تحريكًا.

▪️الأخطر في الطرح أن المقال يروّج لفكرة "فك الارتباط" بين الدين والسياسة، وهي دعوة تبدو عقلانية في ظاهرها، لكنها تحمل في جوهرها نزعة إقصائية خطرة، تنزع الشرعية عن كل من يتبنى مرجعية إسلامية كخلفية فكرية أو سياسية. وكأن الفضاء السياسي يجب أن يكون على مقاس سردية واحدة، لا تتسع لتعدد المدارس والرؤى.

▪️أما خاتمة المقال، التي تُلمّح إلى أن الضربة الإسرائيلية لإيران "قد تكون بداية جديدة"، فهي ذروة الانزلاق من التحليل إلى التوظيف: إذ تتحول عملية عدوان خارجي إلى لحظة يتمناها الكاتب لتحجيم تيار فكري داخلي، لا يروق له وجوده أو حضوره.

*خلاصة القول ومنتهاه :*

▪️المقال لا يقدّم قراءة متماسكة لضربة عسكرية أو لتحولات إقليمية، بل يوظّف الحدث الخارجي كمنصة لتوجيه السهام نحو الداخل، عبر تحليل يفتقر إلى التوازن، ويعبّر أكثر عما يُريد صاحبه أن يكون، لا عمّا هو كائن فعلاً.

▪️وإن كان من حق الكاتب أن يعبّر عن موقفه، فإن من واجبنا أن نُبيّن هذا النوع من التلبيس الذي يُخلط فيه الحدث الإقليمي بالخصومة الداخلية، وتُستبدل فيه القراءة بالتصفية، والفكر بالتوجيه.