رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ د. مزمل أبو القاسم : للعطر إفتضاح بابنوسة القمير .. وجبل الرماة!

* جمَّر صمود سلاح المدرعات في معارك الخرطوم الضارية وجدان الشعب السوداني حتى افتتن بذلك الثبات المدهش، ومنح التفاف السودانيين خلف فرسان الدروع اللواء الركن الدكتور نصر الدين عبد الفتاح وجنوده المزيد من الثبات والجرأة والقدرة على التضحية والفداء.

* تكررت تلك الملاحم التاريخية في القيادة العامة وسلاح الإشارة والكدرو وحطاب والعيلفون والمهندسين ووادي سيدنا قبل أن تنتقل إلى فاشر السلطان، حيث تكسرت النصال على النصال، ومنها إلى بابنوسة القمير، حيث يقدم فرسان ورفاق اللواء الفارس معاوية حمد والعميد الكلس حسن درموت فواصل مبهرة من الصمود والشجاعة والثبات على المبدأ.

* لم تسنح لي الفرصة لزيارة بابنوسة، لكن قلبي تعلق بها مثلما تعلقت قلوب ملايين السودانيين بالفاشر شنب الأسد، حيث يصارع فرسان اللواء محمد أحمد الخضر والمشتركة (فووووق) الموت بقلوب لا تعرف الخوف، ويواجهونه بصدورٍ عارية وقلوب مؤمنة وأيادٍ لا تفارق الزناد.. إلا للصلاة!

* في بابنوسة حيث توجد قيادة الفرقة (11 في 2) كما يطيب لصديقي الفارس المهندس أحمد سليمان قور أن يصفها، تستبين روعة أهل السودان وتتضح جسارة جند الله والوطن وشجاعتهم وتصميمهم على مقارعة الأعادي ومناهضة مشروع الأوغاد والكفيل المعتدي الأثيم.

* جمع الأوباش قواتهم وحشدوا خيلهم وخيلائهم ودفعوا بمركباتهم القتالية ودعموها بآلاف الدراجات النارية توهماً منهم بأن كسر رفاق معاوية ودرموت مسألة وقت، بعد أن استهلوا هجومهم بقصف مدفعي عنيف، ثم اندفعوا إلى أرض القتل ومصيدة الموت الذي التي أعدها لهم الجيش بدهاء شديد، فحصد منهم المئات، في معركة كان عنوانها الأبرز الثبات والفداء والجرأة والشجاعة اللافتة.

* انجلى غبار المعركة ليسفر عن انتصارٍ باهر وفتحٍ جديد للقوات المسلحة، واضطرت المليشيا إلى الانسحاب وهي تجرجر أذيال الخيبة والحسرة بعد أن تركت خلفها مئات القتلى والجرحى.. وأشرقت الشمس على البابنوسة الجميلة مجدداً بانتصارٍ باهر، يضاف إلى سجل الانتصارات الكبيرة والكثيرة التي سجلتها القوات المسلحة سعياً منها لدحر التمرد وكسر شوكة المليشيا الغاصبة.

* الهزيمة الصاعقة التي تجرعتها المليشيا في معركة القمير كانت السبب الأول للظهور الأخير لقائد التمرد، الساعي إلى رفع معنويات قواته المنكسرة والمتراجعة في كل المحاور.. فظهر مضطرباً مهزوزاً يهذى بحديث فارغ ويقدم وعوداً يدرك هو قبل غيره أن تحقيقها يمثل عين المستحيل.

* الشاهد في كل هذا السرد أن الانتصارات الباهرة التي حققها الجيش (بكل فئاته ومستنفريه ومجاهديه وقواته المشتركة وقوات درع السودان والبراؤون وغيرهم)؛ ينبغي أن تدفعنا إلى المزيد من الوحدة والتكاتف، لا الصراع والاشتجار!

* ما يحدث من تنازع حول مقاعد الحكم وتراشق بين فئات الجيش الواحد في عز معركة الكرامة أمر محزنٌ ومؤسف وخطير.. بل بالغ الخطورة لأنه يمثل شقاً للصف، وإطلاقاً للنيران داخل الصندوق.. بل داخل الخندق الواحد!

* مشاركة حركات الكفاح المسلح في السلطة الانتقالية أمرٌ محسومٌ بأمر اتفاقية سلام جوبا، وليست هبة ولا عطية، وتمسك الحركات بنصيبها المنصوص عليه في الاتفاقية أمرٌ طبيعي ومتوقع، بل ومطلوب، وبالتالي لا نستطيع أن نفهم أي استهداف لهذه الحركات بأي نهج، سيما وأنها وقفت الموقف الصحيح من التاريخ وقاتلت بضراوة مع جيشها وشعبها، وساهمت في تحرير كل ولايات الوسط من رجس التمرد، وقدمت أرتالاً من الشهداء في سنار والنيلين الأبيض والأزرق والجزيرة والخرطوم وحتى جنوب ولاية نهر النيل.

* في المقابل نتوقع من قادة حركات الكفاح المسلح (وفي مقدمتهم جبريل ومناوي وتمبور) أن يترفعوا ويفوتوا الفرصة على الساعين للفتنة وشق الصف، وأن يدركوا حقيقة مهمة مفادها أن الاتفاقية حددت نصيبهم من السلطة ولم تنص على منحهم وزارات بعينها، وبالتالي نتوقع منهم أن يمارسوا أكبر قدر ممكن من المرونة، كي لا يحققوا مراد الساعين إلى الفتنة بأي نهج!

* حقق الجيش (بكل فئاته ومسانديه) انتصارات باهرة في معركة الكرامة وأذاق المتمردين الويل ونجح في كسرهم وطردهم من ست ولايات كاملة (نهر النيل والخرطوم والجزيرة وسنار والنيلان ألأبيض والأزرق)، لكن النصر لم يكتمل بعد، والمعركة ما زالت على أشدها، وبالتالي لا يوجد ما يستدعي ترك جبل الرماة والانشغال بالمغانم والأنفال أثناء المعركة!

* سيفتح الخلاف حول المناصب والمقاعد ألف بابٍ للهزيمة، وقد شاهدنا كيف حاول قائد التمرد ومناصروه الاصطياد في المياه العكرة لاستغلال التنازع غير المفهوم حول كيفية تكوين الحكومة.

* ختاماً نناشد بعض الزملاء الإعلاميين (الداعمين للجيش.. المناهضين لمخطط اختطاف الدولة السودانية)، أن يترفعوا ويشكلوا محضر خير، وأن لا يغمسوا حبر أقلامهم في أي ملف من شأنه أن يتسبب في شق الصف الوطني وإضعاف المقاتلين.. أناشدهم بحق الوطن والزمالة وأدبيات المهنة أن يزنوا كلماتهم بميزان الذهب قبل نشرها.. أناشدهم حرصاً على الوطن والجيش وكل من يحملون السلاح لحماية الوطن والشعب من دنس التمرد ودحر مؤامرة اختطاف السودان.. أناشدهم فقط.. ولن أزيد!