رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الثلاثاء 2025/9/30م ✍ الهندي عزالدين : التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية ✍ عبدالماجد عبدالحميد : خسائر مليشيات التمرد تتوالى في الفاشر عضو مجلس السيادة د. سلمى تتسلم توصيات ملتقى إتحاد المرأة السودانية ✍ أم وضاح : بارا ليست كل المد ولا نهاية الحد مناوي : إستهداف المليشيا لمركز إيواء النازحين في الفاشر جريمة جديدة تضاف إلى سجلها الدموي وزير العدل يؤكد أهمية عكس جهود الدولة في مكافحة جريمة الإتجار بالبشر ✍ عزمي عبد الرازق : منصات التشويش إلى رماد ؛ تحول نوعي في معركة الفاشر وزير الطاقة يبحث مع سفير الصين بالسودان التعاون مع في قطاعي النفط والكهرباء وإعادة إعمار مادمرته الحرب ✍ د. محمد عثمان عوض الله : قراءة في حديث عضو السيادي السابق محمد الفكي سليمان لقناة الجزيرة والي سنار يشيد بمبادرة أبناء كركوج بالداخل والخارج لإعادة وتأهيل الخدمات الضروريةً وزير صحة النيل الأبيض يرأس إجتماع اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية

✍ د. الشاذلي عبداللطيف : الإنتصار الحقيقي يبدأ من الداخل ؛ السودان بين النهوض العسكري والبعث المدني

في خضم هذه اللحظة السودانية المليئة بالتحديات، لم نعد نكتفي بالبحث عن حلول إدارية أو تبريرات سياسية. لقد تجاوزنا الشكوى إلى مقام التساؤل العميق: من نحن؟ وكيف ننهض من جديد دون أن نعيد أخطاء الماضي؟

حين تحدث رئيس الوزراء بصراحة نادرة عن أسباب الانهيار — الفساد، ضعف الإدارة، غياب العدالة، وانهيار منظومة القيم — لم تكن تلك مجرد عناوين مألوفة، بل اعترافات متأخرة بواقعٍ موجع نعيشه منذ سنوات. لكن الاعتراف، رغم أهميته، لا يكفي. المطلوب هو التغيير العميق.

ورغم الجراح، ثمة لحظة فارقة: الانتصار العسكري الأخير، الذي لم يكن فقط تحريرًا للأرض، بل إعادة تثبيت للمعنى العميق لهذا الوطن. شعر المواطن السوداني – من الجنود إلى المزارعين، من الأمهات إلى المعلمين – أن روح السودان لا تزال تقاوم.

لكن الانتصار العسكري ليس نهاية المطاف. بل هو فرصة، بل مسؤولية، لإعادة بناء الدولة من الداخل. لا بالإسمنت وحده، بل بإعادة بناء الإنسان، واستعادة الثقة، وإصلاح العلاقة بين الدولة والمواطن.

نحن لا نحتاج إلى ترميم نظام متهالك، بل إلى إعادة تأسيس ثقافة وطنية جديدة؛ ثقافة يكون فيها الانتماء غير مرهون بالولاء السياسي أو الجهوي، ويشعر فيها الجميع أنهم شركاء لا غرباء. لا دولة تُقصي، ولا مواطن يتفرّج.

الدولة ليست كيانًا منفصلًا عن الشعب. نحن الدولة حين نصدق، ونعمل، ونحاسب ونُحاسَب. العدالة لا تنبع من قصر الرئاسة، بل من ضمير كل مواطن. الشفافية لا تُفرض من فوق، بل تُمارس من البيت إلى المدرسة إلى السوق.

المعركة الحقيقية ليست مع الخارج، بل مع ذواتنا: مع استسهال الفساد، مع ضعف المسؤولية، مع غياب القدوة. لا يكفي أن نهزم عدونا، بل يجب أن ننتصر على كل ما هزمنا في الداخل.

اليوم، لدينا فرصة نادرة: أن نجعل من الانتصار العسكري بداية لانتصار مدني وأخلاقي. أن يكون مشروع الإعمار شاملًا: يعيد البُنى، لكن أيضًا يعيد القيم. يعيد الثقة بين الناس، ويرمم العلاقة بين المواطن والدولة.

لسنا عابري أزمة. نحن أبناء وطن، كل سقوط فيه يعلّمنا درسًا جديدًا في النهوض.

فلننهض معًا.