✍ أحلام محمد الفكي : نداء الواجب الوطني ؛ التنازلات لأجل الوطن والمواطن

منذ منتصف مايو الماضي والترقب يلف سماء السودان تعيين رئيس الوزراء الجديد الدكتور كامل إدريس وحل الحكومة السابقة خطوة طال انتظارها في مسيرة البحث عن الاستقرار. لكن الأيام تمضي، وما زلنا نترقب اكتمال عقد الوزراء، ليكتمل بذلك قوام الحكومة التي يقع على عاتقها حمل آمال شعب أنهكته الحرب وفتكت به النزاعات.
لا شك أن المهمة جسيمة، والتحديات كبرى. فالسودان، الذي عايش ويلات الحرب ولم تزل نيرانها تحت الرماد، يعاني من تعدد الحركات المسلحة والأحزاب، وتتغلفه الصعاب من كل حدب وصوب. إنها أزمة مركبة،
لا حل لها إلا بإدراك الجميع للحظة الفارقة التي نعيشها.
لقد قلناها مرارًا وتكرارًا: جمع الصف الوطني واجب، والتنازلات ضرورة ملحة. فالمواطن السوداني، الذي اكتوى بنار الذل واللجوء والقتل، ينتظر بفارغ الصبر أن يرى نورًا في نهاية هذا النفق المظلم. مصالحه هي العليا، وحياته هي الأغلى.
هنا تكمن الإرادة الحقيقية، وهنا يظهر المعدن الأصيل للقيادات. إن لم يدرك الجميع ضرورة التنازل عن المصالح الفردية والحزبية الضيقة لصالح المصلحة العليا للبلاد، فلا سمح الله، سيضيع هذا الوطن الذي تتكالب عليه الأطماع من كل جانب.
نتطلع بأمل كبير إلى أن يوفق رئيس الوزراء السوداني في إكمال بناء "العقد الفريد" الذي نرجوه. هذا "العقد" الذي سيملاً الأرض عدلاً ونوراً، والذي يترقبه الجميع بشغف وقلق ممزوجين. إنه السبيل الوحيد لبناء سودان مزدهر، ينعم فيه أبناؤه بالسلام والأمان والرخاء.
إلى كل المعارضين في السودان، نوجه هذه الدعوة الصادقة: ترفعوا عن الصغائر، اتركوا خلافاتكم، واتفقوا.
لا تضيعوا بلدكم بسبب المصالح الفردية التي لن تجلب لكم سوى الخسارة.
اكتبوا صفحات من نور في تاريخ السودان، صفحات تخلد جهودكم وتضحياتكم للأجيال القادمة. اجعلوا الأجيال القادمة تقول عنكم: "هؤلاء حققوا لنا المجد في السودان، وأناروا لنا الطرقات". فالمجد الحقيقي لا يُبنى على الأنقاض، بل على الوحدة والتآزر والتضحية