✍ فريق شرطة حقوقي محمود قسم السيد : هيبة الدولة تبدأ من القانون لا من الشعار ؛ قراءة أمنية في ما ذهب إليه اللواء شرطة د. ليمان

في مقاله العميق والمستند إلى التجربة الميدانية، أشار اللواء شرطة (م) د. إدريس عبدالله ليمان إلى أن الدولة لا تُنتقص هيبتها فجأة، بل تُستنزف تدريجيًا بفعل تراكمات من الفوضى السياسية، والتراخي في فرض القانون، واذعان مؤسسات الدولة نحو محاولات "الترضيات والمحاصصة السياسية بدلًا عن فرض الانضباط وسيادة القانون دون نظر إلى ردات الفعل الغاضبة.
*وما ذهب إليه الأخ د ليمان لا يُعدّ مجرد توصيف لحالة مضت، بل تحذير متجدد من التهاون في هيبة* *القانون*
، وهو ما نُتفق معه فيه من واقع الرصد والتحليل، ونرى أن استعادة الدولة السودانية لعافيتها لن تكون عبر الشعارات ولا المبادرات الخطابية، بل عبر عودة القانون إلى مقدمة الفعل السياسي والإداري.
تراجع هيبة الدولة: بين الحراك والاحتكاك .
شهد السودان بعد أبريل 2019م حالة من السيولة الأمنية والسياسية غير مسبوقة، حيث خرج الحراك الجماهيري من مساره الطبيعي، وتحول في بعض مظاهره إلى أداة تعطيل وتعسف وتخريب باسم "الحق الثوري"، حتى سقطت مؤسسات الدولة في مواجهة "الشارع الفوضوي ، بينما ظلت أدوات الدولة عاجزة عن ردع الانفلات، خشية أن تُتهم بـ "الردة" على الثورة.
إن تحويل الميادين إلى ساحات فوضى، وقطع الطرق، والاعتداء على المرافق العامة، ومنع المواطنين من ممارسة حياتهم، ليست ممارسات تعبيرية، بل تهديدات مباشرة لبُنية الدولة.
وقد صدق الاخ ليمان حين قال: "كانت تلك أيامًا مؤلمة تراجعت فيها هيبة الدولة تحت غطاء الشعارات.الزائفة "
*تأصيل المفهوم: الأمن لا يتحقق بالمجاملة والعاطفة*
إن المناداة بالحريات والتغيير لا تُنافي احترام الدولة وقانونها، بل هي قائمة عليه ومشروطة به، ومن يطلب العدالة يجب أن يبدأ باحترام مؤسساتها : الشرطة، النيابة، القضاء، القوات النظامية.
ولا يمكن تصور العدالة في غياب أدوات إنفاذ القانون.
من هنا، فإننا نؤكد أن هيبة الدولة تبدأ من انضباط أجهزتها الأمنية، لكنها تكتمل حين تحترم الجماهير القانون كما تحترمه الأجهزة، ويعلو فوق الجميع ميزان واحد لا ازدواج فيه ولا انتقائية.
المؤسسات العسكرية والأمنية: سور الوطن لا عدو الداخل
حين أشار الاخ اللواء ليمان إلى يقظة المؤسسات العسكرية والأمنية، فقد كان يؤكد ما هو معلوم من موقعها الطبيعي، لا الاستثناءي.
هذه المؤسسات ليست أدوات بطش، بل صمامات أمان للدولة في لحظات انكشافها السياسي، وهي التي واجهت المؤامرات بصمت، واحتملت الاستفزازات، وحمت كيان الدولة حين تخلّى كثيرون عن واجبهم.
وقد أثبتت التجربة السودانية – المؤلمة – أن:
. عسكرة الدولة خطر... ولكن تفكيك المؤسسات النظامية كارثة وجودية
خلاصة
نؤكد الي ما جاء في مقال اللواء شرطة (م) د. إدريس عبدالله ليمان، ونعتبره وثيقة تحليلية رصينة، تنبّه إلى المخاطر الحقيقية التي مرّت بها الدولة السودانية، وتؤسّس لرؤية مستقبلية قوامها:
سيادة القانون،
عدالة المؤسسات،
احترام القوات النظامية،
ورفض الفوضى والخراب تحت أي شعار.
فلا دولة بلا هيبة، ولا هيبة بلا قانون، ولا قانون بلا أمن. ولايلدغ المؤمن من الجحر مرتين.