رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ أحلام محمد الفكي : السودان بين مطرقة سد النهضة وسندان الحرب

في لحظة تاريخية حبست الأنفاس، أعلنت إثيوبيا اليوم إكتمال سد النهضة، المشروع العملاق الذي طالما أسال حبر الدبلوماسية وأشعل فتيل التوتر في المنطقة. تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي بأن السد سيكون مصدر وحدة لا نزاع، يطرح تساؤلات كثيرة :

ماذا عن السودان،

الجار المثخن بالجراح، الذي يجد نفسه الآن في مواجهة قدر مجهول؟

لطالما كان سد النهضة، الأكبر من نوعه في أفريقيا، نقطة خلاف حادة.

إثيوبيا تراه مفتاحًا لتنميتها ونهضتها، ومصر تعتبره تهديدًا وجوديا لأمنها المائي.

أما السودان، الواقع بين فكي الرحى، فيراقب بقلق بالغ تأثير هذا المشروع على أمنه المائي والبيئي، خاصة ونحن في قلب فصل الخريف، موسم الأمطار الغزيرة التي قد تتفاعل بشكل معقد مع التشغيل الكامل للسد.

السودان اليوم ليس هو السودان الأمس. فبينما تتهاوى أركان الدولة تحت وطأة حرب لا تزال تنهش في جسده، يأتي إعلان اكتمال سد النهضة ليضيف عبئًا جديدًا على كاهل شعب أنهكته الصراعات. هل السودان، في ظل هذه الظروف الهشة، مستعد للتعامل مع التداعيات المحتملة لتشغيل السد؟

هل لديه القدرة على حماية أراضيه ومواطنيه من أي آثار سلبية قد تنتج عن التغيرات في تدفق المياه؟

إن الغموض الذي يلف مصير المفاوضات الثلاثية يزيد من حدة القلق. فبينما تتواصل مصر في التعبير عن مخاوفها بشأن حصتها المائية التاريخية،

يبدو السودان وكأنه يواجه مصيره وحيدًا، مستنزفًا بقضاياه الداخلية التي تتطلب كل طاقاته.

تحليل وتساؤلات حارقة

علينا أن نتساءل بصراحة:

ما هي النتائج الحتمية التي تنتظر السودان؟

وهل ستكون الآثار المترتبة على اكتمال السد إيجابية أم سلبية في ظل وضعه الراهن؟

هل ستتأثر الزراعة السودانية، شريان الحياة لملايين الأسر؟ وماذا عن البنية التحتية الهشة، هل ستصمد أمام أي تغييرات مفاجئة في منسوب النيل؟

إن إثيوبيا تتحدث عن التعاون، وهو ما نأمله جميعًا. لكن التعاون لا يمكن أن يبنى على أساس المصالح الأحادية دون مراعاة حقوق ومخاوف جميع الأطراف. على المجتمع الدولي أن يدرك حساسية هذا الملف وأهمية تحقيق توازن عادل يضمن حقوق الجميع ويجنب المنطقة المزيد من التوترات.

السودان اليوم في مفترق طرق، يواجه تحديًا جديدًا يضاف إلى تحدياته العميقة. الإجابات على هذه التساؤلات قد تحدد مستقبل ملايين البشر. فهل يكون سد النهضة، كما تأمل إثيوبيا، حقًا مصدر وحدة، أم سيفتح فصولًا جديدة من عدم اليقين في خاصرة السودان المثقلة بالجراح؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف المستور