رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ د. محمد تبيدي : الجاكومي يتحدث بلغة النسب .. فهل نعود لعهد اقتسام الغنائم؟

حين تسعى الحكومة الانتقالية إلى تأسيس دولة المؤسسات والعدالة، تظهر بعض الأصوات المطالِبة بنصيب من "السلطة" لا يتناسب مع رؤية الوطن الجامع، بل يعيدنا إلى دوامة المحاصصات التي أهدرت طاقات البلاد في الماضي.

طالب محمد سيد أحمد الجاكومي، رئيس مسار الشمال ضمن اتفاقية سلام جوبا، بما أسماه "ربع السلطة" في حكومة الأمل الجديدة بقيادة البروفيسور كامل إدريس، ملوّحًا بأن كل الخيارات مفتوحة للدفاع عن حقوقه السياسية، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء.

واللافت في تصريحات الجاكومي لقناة الحدث، أنه – رغم مطالبته بنسبة كبيرة من السلطة – دعا في ذات الوقت إلى إسناد وزارات المالية والتعدين والشؤون الاجتماعية إلى كفاءات مستقلة بعيدًا عن المحاصصة السياسية! وهو تناقض يثير التساؤلات: كيف تُطلب حصة ربع الحكومة ثم يُرفض الاستئثار أو المحاصصة في ذات النفس؟

> "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"

— آل عمران: 103

إن حكومة الأمل جاءت في ظرف دقيق من عمر السودان، وهي تحاول بجد أن تخرج بالبلاد من ظلمات الانقسام إلى رحاب الوحدة، ومن خطاب التمكين إلى خطاب الكفاءة والنزاهة. ولا شك أن هذه التصريحات التي تسعى إلى اقتسام كعكة الحكم بدلاً من خدمة المواطن، لا تنسجم مع روح المرحلة.

ولن ينسى شعبنا أن المحاصصات أفرزت وزراء بلا كفاءة، وأدخلت الدولة في شلل إداري مريع، وهو ما تسعى الحكومة الحالية لتفاديه بإعلاء معيار الجدارة لا الجغرافيا، والولاء للوطن لا للحركات أو الأحزاب.

إن فتح باب المحاكم ليس تهديدًا، بل هو حق دستوري، ولكن العدل في الأصل أن تُرفع القضايا من أجل المصلحة العامة لا الطمع في المناصب. والسودانيون اليوم أكثر وعيًا من أي وقت مضى، ولن يسمحوا بعودة نظام الترضيات على حساب التنمية والاستقرار.

يا سيادة الجاكومي، الوطن أكبر من الجميع، ومن أراد أن يُكتب اسمه في سجلات المجد، فليتقدّم بفكره ومشروعه، لا بمطالب تقسيم السُّلطة.

وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة.