✍ أحلام محمد الفكي : الفاشر ؛ صمود أسطوري يروي حكايا البطولة والصبر

في قلب السودان، حيث تتوالى فصول المعاناة وتشتد وطأة الحصار، تبرز مدينة الفاشر كرمز شامخ للصمود والتحدي. إنها ليست مجرد مدينة محاصرة، بل هي قصة بطولة يسطرها الزمان بأحرف من نور، وحكاية صبر تعزفها الرياح على أوتار قلوب المواطنين الأبية. لقد وصلتني رسالة صوتية من زملاء المهنة من هذه المدينة الصامدة، رسالة أبكتني وألهبت في نفسي جذوة الغضب على ما يتعرض له أهلها من ويلات.
إن صمود المدن في وجه الغزاة هو خلاصة لتجارب إنسانية عميقة، يجسد كل منها سمة بطولية فريدة، وحنكة قيادية عسكرية فذة، وصبرًا أسطوريًا من مواطنيها الذين يتمسكون بحقهم في حرية مدينتهم، ويرفضون أن تقع في أيدي الغزاة.
وما يحدث في فاشر السلطان، هذه البلد الصامد، يقدح زند التحدي ويولد طاقات جبارة تخفف وطأة الحصار وآثاره البالغة في نقص الغذاء والمؤن والدواء، وتحديد الحركة، والضحايا جراء القصف، وبسبب الأمراض والأوبئة.
لقد امتازت الفاشر على قريناتها في الصمود بعدة عوامل لم تتوافر لنظيراتها في قوائم الشرف:
* القيادة العسكرية تقود المعركة بحكمة وبسالة.
* القوات المرابطة جيش وقوات مشتركة تعمل كجسد واحد في سبيل الدفاع عن المدينة.
* المواطنون الصابرون ينتظرون فرج الله، متذكرين بذلك صمود المسلمين في مكة حين حاصرهم كفار قريش، فما أشبه الليلة بالبارحة!
نداء إلى الضمير العالمي
إن الفاشر اليوم هي مرآة تعكس معاناة شعب بأكمله، وشاهد على تصميم إرادة لا تنكسر. إن صمودها هو صرخة مدوية في وجه الظلم، ونداء إلى الضمير العالمي للتحرك ورفع الحصار عنها. فلا يمكن للمجتمع الدولي أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه المأساة الإنسانية.
إن الفاشر ليست مجرد بقعة جغرافية، بل هي قلب ينبض بالأمل، وشعلة لا تنطفئ في درب الحرية. متى يستفيق العالم ليرى هذا الصمود الأسطوري؟
ومتى تشرق شمس الفرج على هذه المدينة التي أبكت القلوب وألهمت النفوس؟