رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الثلاثاء 2025/9/30م ✍ الهندي عزالدين : التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية ✍ عبدالماجد عبدالحميد : خسائر مليشيات التمرد تتوالى في الفاشر عضو مجلس السيادة د. سلمى تتسلم توصيات ملتقى إتحاد المرأة السودانية ✍ أم وضاح : بارا ليست كل المد ولا نهاية الحد مناوي : إستهداف المليشيا لمركز إيواء النازحين في الفاشر جريمة جديدة تضاف إلى سجلها الدموي وزير العدل يؤكد أهمية عكس جهود الدولة في مكافحة جريمة الإتجار بالبشر ✍ عزمي عبد الرازق : منصات التشويش إلى رماد ؛ تحول نوعي في معركة الفاشر وزير الطاقة يبحث مع سفير الصين بالسودان التعاون مع في قطاعي النفط والكهرباء وإعادة إعمار مادمرته الحرب ✍ د. محمد عثمان عوض الله : قراءة في حديث عضو السيادي السابق محمد الفكي سليمان لقناة الجزيرة والي سنار يشيد بمبادرة أبناء كركوج بالداخل والخارج لإعادة وتأهيل الخدمات الضروريةً وزير صحة النيل الأبيض يرأس إجتماع اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية

✍ د. ماجد السر عثمان : مراسي الخرطوم تشرق من تحت الرماد (6) الحنين

الحنين كلمة لا تحمل في جيناتها إلا الإلفة والشوق والوَلَه...

الكل يَحِنُّ إلى ما يُحب.

كل الأدب الإنساني، بجميع لغاته عربيّها وعجميّها، أصدق ما يكون حين يبوح بالحنين.

العرب قديماً كانوا يبدؤون أشعارهم بالحنين إلى المحبوبة، بل وحتى إلى ديارها:

وأشرسُ الكائنات وأقواها يفضحها الحنين، فتُعبّر بأصواتٍ تفطر القلب، كأنها تُنشد شعراً لا يُكتب بالحبر بل بالألم.

أما شعراء العصر الحديث، فقد تفنّنوا في التلاعب بعبارات الحنين، حتى كادت لا تخلو أغنية أو قصيدة من كلمات: "الحنين"، "الشوق"، "الوَله"، "التّوق"، و"الرجوع".

وقد لاحظتُ أن مواسم اهتياج الحنين تكون في الشتاء، والربيع، والخريف...

لكننا، نحن أهل السودان، وبفعل غياب الربيع، تكاد قلوبنا تنفطر في الخريف.

لذا أنشدت رُوضتُنا:

"لا أدري ما سرُّ احتدامِ تذكُّري لك بالمطر..."

وفي سنوات الحرب العجاف، وفي زمنٍ ساد فيه منزوعةُ الرحمة، حين تفرّق بنو وطني بين المنافي والفيافي...

صار الحنينُ سودانيّاً خالصاً، لا تُخطئه دمعة ولا تنهيدة.

أكرمني ربي بالعودة إلى الديار، فاستقبلتُ قطرات السماء بفرحة المولود الأول...

كأنما أمطِر لأول مرة!

فرحتُ كما يفرح الأطفال...

نزل المطر ليغسل دواخلنا قبل أن يغسل الأرض، من ذكريات ومشاهد مؤلمة، خلّفها تتار السودان ومرتزقة إفريقيا.

كأنّي بالمباني تمتدّ أياديها طولاً وعرضاً، تغتسل مما حاق بها من دنس...

والأشجار، كالعذراء، تتمايل تحت غيث السماء، تطهّر الثياب والقلوب على السواء.

أمطار هذا العام أرادت أن تشارك الرسميّ والشعبيّ في تهيئة المدينة لعودة أهلها...

وثّقتُ هذه المشاهد بعدستي، وأرسلتها حبّاً إلى أمي، في غربتها القسرية...

أمي: رمز الصمود، والقوة، والشموخ...

خشيتُ أن يُذيبها الحنينُ إلى وطنها، وبيتها، وأشجارها...

إن شاء الله، سيكون خريفُنا القادم في الشوارع والحدائق والفُسحات، خريفَ تضميدٍ لآثار الحنين...

خريفَ الرجوع الجميل، الذي نغنّي فيه مع محجوب شريف، وحلنقي، والكابلي، ووردي...

"هجرة عصافير الخريف

في موسم الشوق الحلو...

هيّج رحيلها مع الغروب

إحساس غلبني أتحمّلو..."

وصدق نزار قباني حين قال:

"الحنين هو أن تُجالسَ الذكرى

فتُبكيك ملامحُها أكثر من غيابها..."

الحكمة:

من يقطع الأشجار... لم يُودِع اللهَ في وجدانه نعمةَ الحنين.