✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية مصر موقف الشقيق الوفي

ينطلق "قطار المحبة من القاهرة إلى أسوان يحمل حوالي ١٠٠٠ سوداني من مختلف الشرائح " لا كوسيلة نقل فقط، بل كجسر إنساني يحمل بين عرباته رسائل الأمل، والمودة، والتضامن من شعوبٍ لم تنسَ واجب الأخوّة، ولا نسيت عمق الجوار والدم المشترك.
إنه قطار لا يسير على سكك الحديد فقط، بل على قضبان المحبة والعطاء، ممتدًا من عمق الضمير العربي والأفريقي، نحو قلوب أهل السودان، ليقول: لسنا بعيدين، أنتم في القلب... ولن تُتركوا وحدكم.
مصر التي فتحت حدودها أمام مئات الآلاف من السودانيين الهاربين من ويلات الحرب، خاصة من الخرطوم ودارفور. وقد تعاملت السلطات المصرية مع دخول السودانيين بنوع من المرونة مقارنة بدول أخرى.
حيث شهدت مدن مصرية مثل أسوان والقاهرة تواجدًا كثيفًا لأهل السودان، حيث تكافلت الجاليات، وساندهم المجتمع المدني المصري، ولو بقدرات محدودة.
حاولت القاهرة أن تُبقي على توازن دقيق في موقفها من أطراف النزاع، دون إعلان دعم مباشر لأي طرف، حفاظًا على مصالحها الاستراتيجية مع السودان ككل.
نعم، تظل مصر دومًا سندًا للسودان في كل محنة، ويشهد التاريخ الحديث والقديم على عمق العلاقات بين الشعبين، اللذين يجمعهما النيل والمصير المشترك. وفي ظل الأزمات التي يمر بها السودان، تواصل مصر تقديم الدعم الإنساني والسياسي، وتفتح أبوابها لأبناء السودان بكل ترحاب، إيمانًا بوحدة المصير وأواصر الإخاء التي لا تنفصم.
ومصر لم تكن غائبة يومًا عن قضايا السودان، بل كانت دائمًا حاضرة بحكمة القيادة ودفء الجوار، تعمل على تقريب وجهات النظر، ودعم جهود السلام والاستقرار. وفي حرب الكرامة التي يخوضها السودان اليوم، تقف مصر موقف الشقيق الوفي، الذي يسند ويحتضن، لا طمعًا ولا مصلحة، بل وفاءً للعِشرة والتاريخ والجغرافيا.
إن "القطار ليس مجرد رحلة، بل هو وعد بالوقوف مع أهل السودان في محنتهم، ونداء صادق بأن الأخوّة لا تذبل في زمن الشدة. هو عربات من الخير، محمّلة بالدعم، والمواساة، والأمل، تسير نحو قلوب أنهكتها الحرب، لتقول لهم: لستم وحدكم، فالمحبة أقوى من الرصاص، والإنسانية لا تعرف حدودًا.
فلنجعل هذا القطار انطلاقة دائمة للتكاتف، لا محطة مؤقتة…
"ليكن قطار القاهرة–أسوان امتدادًا طبيعيًا لمشروع السكة الحديد إلى السودان... ليصل شريان الإخاء والتنمية من نيل الشمال إلى قلب إفريقيا."