✍ يوسف عبدالمنان : في البطانة

خرجت صباح أمس من ام درمان التي تصحو عند الرابعة ولاتنام الا بعد الحادية عشرة مدينة خرجت من غمة الحرب وبدأت تتنفس دعاش الخريف
وبحري التي لاتزال بعيدة عن ام درمان لا ماء يبلل جوف العطشي ولا كهرباء تشق الظلام
اتجهت إلى طريق مدني الشرقي والعربات التي دمرتها الة الحرب ملقاة على شمال ويمين الشارع وبعد كل نصف كيلو مترا من الخرطوم حتى مدني ترقد هياكل عربات لن يتعرف عليها ملاكها ولاسبيل غير التخلص من صورة الحرب البشعة بلغنا الهلالية حيث قصة الإبادة الجماعية التي لم تكتب بعد ولوعاش شاعرها وابنها الهادي آدم لكتب عن مأساة لن يمحوها الدهر من هول وفظاعة ماحدث
اتجهت إلى تمبول وسوق الإبل والضان وقصة كفاح أهلنا الشكرية حتى اخرجوا التمرد عنوة من ديارهم ينتشر طول الطريق من ام ضوبان حتى قلب البطانة فرسان درع السودان أو الكيكلاب شباب سمر الوجوه بيض القلوب (اولاد ناس مؤدبين) لايرتزقون من الشارع ولا ياكلون المال الحرام من سائقي الشاحنات شباب بعضهم طلاب ومزارعين ورعاة تركوا كل شي من أجل وطن كاد أن يقضي عليه ال دقلو
في تمبول كان السوق يضج بالحياة أسواق عامرة بالبضائع ومئات البكاسي والجرارات الزراعية التي تبحث عن الوقود في الطلمبات وتمبول تعافت قبل أوانها واشرقت شمسها آمنا وطمأنينة لا تسعة طويلة ولا سبعة قصيرة أغلب الناس اتجهوا للزراعة ومن تمبول شقت السيارة دربا وعرا واخواني العمدة إبراهيم عبدالمنان وشيخ قريتنا الأستاذ علي البدوي الذي طرده الجنجويد من أرضه وعلى البدوي معلم قديم هجر الطبشور وامسك بالملودة وزراعة الفتريته والأخ ياسر مختار الموظف بمكتب والي جنوب كردفان اتجهنا للأهل الشكرية في مناطق جبل البابتول وقرى اللحويين جنوب شرق تمبول واستضافنا في قرية ود جودات الصغيرة عند أسرة الحاج الصادق زعيم فرع العفصة وهو من أكبر فروع الشكرية تحت شهيق القرية وكرم رجالها وحلو طعام نسائها غسلت رياح الصعيد عن الرهق والتعب والمقدم عباس عبدالرحمن يطل علينا من معسكر جبل (الابا تور) وتعني الجبل الثابت وعباس رجل حلو المعشر طيب السيرة فارسا في ميادين الوغى البطانه الآن تعافت واذدهرت وبدأت الأمطار تغسل الدماء التي ارتوت بها الأرض