✍ فريق شرطة حقوقي محمود قسم السيد : الدفاع المدني يُبادر في الميدان… فهل تحذو مؤسسات الدولة حذوه؟

في مشهدٍ يُعيد إلى الأذهان سيرة القيادة الراشدة والقدوة العملية، أطلقت قوات الدفاع المدني حملة كبرى لإصحاح البيئة وإزالة الأنقاض بمنطقة *الخرطوم 2، بقيادة الفريق شرطة حقوقي د. عثمان عطا* مصطفى، المدير العام لقوات الدفاع المدني، في خطوة تؤكد أن العمل الميداني ليس تشريفًا، بل تكليفٌ والتزامٌ وطني.
وقد شملت الحملة فتح الطرق، وتنظيف الميادين، وتطهير المجاري من مخلفات الخريف، إلى جانب إزالة الحشائش والنفايات حول كبري المسلمية، حيث أعلن المدير العام عن تكفله بصيانة وتأهيل الكبري على نفقة قواته، ليعود صالحًا لحركة السير، في نموذج عملي للقيادة بالمثال.
*هكذا كان يفعل رسول الله ﷺ*
ما قام به الدفاع المدني ليس بدعة في القيادة الراشدة، *فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في العمل الميداني المباشر، فكان يحفر الخندق مع أصحابه،* ويحمل الطوب في بناء المسجد، ويُمازج تراب الميدان بعرق الجبين.
وقال عليه الصلاة والسلام:
" *الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" [رواه مسلم].*
*بيئةٌ ما بعد الحرب… مسؤولية دولة لا جهة*
في ظل الخراب الذي خلفته الحرب، لا يكفي أن نحيل المهام إلى منظمات أو مناشدات، فتكلفة نقل نفايات من منزل واحد قد تبلغ 500 ألف جنيه سوداني، فكيف بالمؤسسات والمرافق العامة؟
لهذا، فإن مبادرة الدفاع المدني تُعتبر بيانًا وطنيًا بالعمل لا بالقول، ورسالة ضمنية لكل مؤسسات الدولة:
"افعلوا كما فعلنا… فالوطن يُبنى بالأفعال لا بالمذكرات".
*هل تحذو مؤسسات الدولة هذا الحذو؟*
*في تجارب دولية حيّة، نرى كيف خرج رؤساء رواندا وتنزانيا* في حملات نظافة شعبية، يحملون المكانس والمجارف، لا طلبًا للكاميرات، بل زرعًا للثقة، وإحياءً لمعاني المواطنة.
في رواندا – التي كانت تعاني من دمار شامل – تحوّلت العاصمة كيغالي إلى واحدة من أنظف العواصم الأفريقية، بسبب قانون " *Umuganda " الذي يُلزم الجميع بالخروج مرة شهريًا للنظافة العامة، بمن فيهم الوزراء وكبار المسؤولين.
*فلماذا لا تصبح حملة الدفاع المدني نقطة انطلاق لحملة وطنية دائمة؟* ولماذا لا تُعمّم ثقافة "نخرج جميعًا" في كل شهرٍ أو موسمٍ بيئي؟ ولماذا لا يخرج مسؤولو الدولة من مكاتبهم إلى الميادين، ليعرفوا أن المرفق العام ليس مجرد صورة على تقرير، بل هو حياة يعيشها الناس؟
سنةٌ حسنة… وأجرٌ ورصيد يربو وممتد .
قال رسول الله ﷺ:{ _من سنّ في الإسلام سنةً حسنة، فله أجرُها وأجرُ من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء…} " [رواه مسلم_ ].
فطوبى لمن بادر، وأحيا سنة التواضع والعمل الميداني…
*وهنـيئًا لك، أخي الفريق د. عثمان عطا،* هذا الرصيد المتجدّد من الحسنات بإذن الله، بتواضعك وهمّتك، فقد أحسنت في القول، وصدقت في العمل، وعلّمتنا أن القيادة مسؤولية في القلب، قبل أن تكون موقعًا في الدولة.
**خاتمة: فلنُعد بناء الوطن… ببسط أيدينا عملا ، لا بانتظار الآخرين*
*نعم، لا عيب أن نحمل القمامة ونزيل* الأطلال…
العيب أن نقف متفرجين، منتظرين من ينجز عنا مهامنا، العيب ان نظل والذباب ونواقل الادواء تشاركنا الموائد.
ولذا فإن مبادرة الدفاع المدني ليست مجرد حملة، بل دعوة مفتوحة لكل مؤسسات الدولة أن تقتدي وتشارك… أن تعمل، وتُلهم، وتُشجّع، وتُبادر. قال تعالى :{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} "[سورة التوبة: 105]
حفز هؤلاء الرجال بجلسة اسرية ومائدة نقية طيبة بمناسبة البيئة الرائعة هؤلاء وفرَوا لخزينةالدولة ملايين الجنيهات ليتكم خرجتم خارج الادارة وماحولها.
اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، َووفق ولاة أمورنا وكل مسؤول إلى ما تحب وترضى، وبارك فيمن بادر وشارك وأخلص.