رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ د. طارق عشيري : كيف نعيد ترميم أخلاق السودانيين بعد الحرب؟

الحرب لا تدمّر المدن وحدها، بل تمزّق النسيج الأخلاقي للمجتمعات وتختبر القيم في أقسى الظروف. ومنذ اندلاع الحرب في السودان، تغيّرت ملامح كثيرة في سلوك الناس، وتفشّت ظواهر غريبة عن طبيعة المجتمع السوداني، كالنزاعات القبلية، والانفلات الأخلاقي، والتناحر بين أبناء الوطن الواحد. تساؤلات مؤلمة تفرض نفسها بقوة: هل تغيّر السوداني؟ هل انهارت منظومة القيم التي عرفناها وتربينا عليها؟ أم أن ما نراه اليوم هو مجرد رد فعل استثنائي لوضع استثنائي، سرعان ما يزول بزوال أسبابه؟ في هذا الهمسه ، نحاول قراءة الواقع بصدق، وتشخيص الأزمة الأخلاقية التي تعصف بالمجتمع، دون تهوين أو تهويل.ونتسال هل ضاعت أخلاق السودانيين بعد الحرب؟

الإجابة ليست بنعم قاطعة ولا بلا مطلقة، لكنها تحتاج لتأمل وفهم عميق لما مرّ به السودانيون خلال هذه المحنة الكبرى.

نعم، تأثرت الأخلاق... ولكن لم تَضِع.

الحرب بطبعها تخلّف الدمار، ليس فقط في الحجر او المباني والمنشآت ، بل في القيم والنفوس والعلاقات، وقد شهدنا مظاهر مؤلمة

انفلات أمني وسلوكيات دخيلة على المجتمع.

حالات نهب، وسرقة، وكذب، وغدر لم تكن مألوفة بهذا الحجم.وتصاعد لحدة الخطاب الجهوي والقبلي والعنصري

وتراجع مظاهر التكافل التقليدي بسبب ظروف النزوح والمعاناة.

ولكن... هناك ضوء وسط الركام

ما زال الخير في الناس، خاصة في مواقف الكرم والإيواء والإغاثة والتكايا التي انتشرت في الولايات تقدم الطعم للكل، حيث فتح سودانيون بيوتهم ومزارعهم وقلوبهم لإخوانهم.

هناك شباب يعملون في الدعوة، والإغاثة، والدعم النفسي بلا مقابل.

نساء يُطعمن من بيوتهن ما لديهن لمئات النازحين بلا تمييز.

روابط أسرية واجتماعية تحاول التماسك رغم الجراح.

الأخلاق لم تَضِع، لكنها جُرِحت بشدة. ما نراه من سلبيات هو جزء من إفرازات الحرب وليس من طبيعة السوداني. السوداني ما زال بخير، ولكن يحتاج إلى تاهيل نفسي وعمل كبير لإعادة المجتمع الي سابق عهده

السودان سينهض بأخلاقه أولاً، قبل اقتصاده وسياساته.

والسؤال الحقيقي يجب أن يكون:

"كيف نعيد ترميم أخلاق السودانيين بعد الحرب؟"

فهل نبدأ؟ حتي نعيد الثقه لمجتمع قهرته الظروف والجرحات