✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ الحكومة الإلكترونية لتجاوز المركزية الإدارية

عبر عمود همسة وطنية نظل نتطرق إلى إصلاح السودان من منظور علمي نسارع فيه الخطي ونرسم لحكومة الأمل طريقاً ونضع لها خطوط عريضة لمستقبل السودان
في ظل التحديات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها السودان حيث تبرز الحكومة الإلكترونية كخيار إستراتيجي لا بد منه، وليس مجرد مشروع تقني. فهي تمثل مفتاحًا للتنمية، وأداة لإعادة بناء الدولة على أسس حديثة تواكب روح العصر، وتلبي تطلعات المواطنين الذين أنهكتهم الحرب، وأعياهم البحث عن أبسط الخدمات.
فقد كشفت الحرب هشاشة البنية الإدارية للدولة، وضعف مؤسسات الخدمة العامة، وانعدام الشفافية وسوء التوزيع، مما ضاعف من معاناة المواطن. وهنا يأتي دور الحكومة الإلكترونية في تجاوز المركزية الإدارية، وتحقيق العدالة في تقديم الخدمات، خاصة في المناطق الطرفية والريفية التي طالما ظلت مهمشة.
كما تفتح الحكومة الإلكترونية الباب أمام المساءلة والمكاشفة، حيث تُصبح المعلومات والبيانات الحكومية متاحة للمواطن في أي وقت، مما يحد من مظاهر الفساد والمحسوبية، ويعزز من كفاءة مؤسسات الدولة.
وإلى جانب الأثر الإداري، فإن التحول الرقمي يعزز من مكانة السودان على الخارطة الإقليمية والدولية، ويمثل رسالة إيجابية للمستثمرين والمجتمع الدولي بأن السودان يسير في طريق الإصلاح المؤسسي والإستقرار الإداري.
ولعل الشباب السوداني، بما يملكه من طاقات معرفية وإبداعية في مجال التكنولوجيا، هو الأقدر على قيادة هذا التحول، إذا ما أُتيحت له الفرص وتم تبني مشروع وطني حقيقي للنهوض بالتقنية كرافعة للتنمية.
تمثل الحكومة الإلكترونية نقلة نوعية في أسلوب إدارة الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين، فهي ليست مجرد تقنية بل ثقافة إدارية ورؤية استراتيجية تهدف إلى الشفافية، الكفاءة، وتيسير حياة الناس. وفي السودان، تمثل الحكومة الإلكترونية أداة مهمة لتجاوز التعقيدات البيروقراطية وتحقيق التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد الحرب، شريطة توافر الإرادة السياسية، البنية التحتية، والتأهيل البشري اللازم. إنّ الاستثمار في التحول الرقمي ليس ترفاً بل ضرورة لمستقبل أكثر استقراراً وعدلاً وازدهاراً. سودان مابعد الحرب اجمل