✍ د. إسماعيل الحكيم : المرتزقة الأجانب وأدلة الإدانة

مائتان وثلاثة وعشرون هجوماً .. شنتها مليشيات آل دقلو الإرهابية على مدينة الفاشر وبحمد الله كلها تصدت لها قواتنا المسلحة والقوات المشتركة والقوات الأخرى في ثبات من ورائه بطولات تكتب بماء الذهب.. فلم يعد ممكناً للعالم أن يغض الطرف عن حقيقة ما يجري في السودان عامة وفي فاشر السلطان تحديدا . فالأحداث الأخيرة في فاشر السلطان وضعت النقاط على الحروف، وكشفت بجلاء أنّ السودان لا يواجه تمرداُ داخلياً محدوداً، بل يواجه شعبه حرباً عابرة للحدود، تُدار بأيادٍ مرتزقة وتمويلات قذرة، هدفها تفكيك الدولة وإغراق شعبها في أتون الفوضى ويتم ذلك تحت بصر وسمع الداني والقاصي ..
فقد أظهرت معارك الفاشر أن مليشيا آل دقلو الإرهابية لم تعد تعتمد على عناصرها المحلية وحدها ، بل فتحت أبوابها لمرتزقة أجانب، كان آخرهم قائد كولومبي لقي مصرعه في الميدان، وعُثر بحوزته على أجهزة اتصال عسكرية متطورة، لا تُستعمل إلا في غرف العمليات الاحترافية. وإن هذا الاكتشاف ليس تفصيلاً عابراً، بل دليلٌ قاطع على أن الحرب في السودان جزء من مشروع عالمي كبير يسعى لإسقاط الدولة والسيطرة على مواردها.
وما من عاقل إلا ويعلم أن هذا المخطط ما كان ليجد طريقه إلى أرض السودان لولا الأموال التي تدفقت من دويلة الإمارات – بؤرة الشر الإقليمي – والتي جعلت من شراء الذمم وتمويل المرتزقة سياسة ثابتة لها، في تحدٍ سافر للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية لأنها فتاة إسرائيل وإمريكا المدللة ..
فإن الواجب الوطني يملي علينا مخاطبة الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، والمحكمة الجنائية الدولية ونقول إن أمامكم الآن أدلة دامغة تضعكم على المحك. وتثبت لكم خروقات القانون الدولي والتدخل في الشأن الداخلي السوداني فالصمت على استقدام المرتزقة واستخدام تقنيات عسكرية متقدمة في حربٍ غير شرعية هو مشاركة في الجريمة لا شك في ذلك. وإن الشعب السوداني الذي يُقتل يومياً دفاعاً عن أرضه وكرامته، لا يطلب صدقات ولا يتمنى عليكم الأماني ، بل يطلب العدالة ورفع الغطاء الدولي عن ممولي الإرهاب والمرتزقة.
فلقد آن الأوان لمؤسسات العدالة الدولية أن تتحمل مسؤولياتها، لا أن تبقى أسيرة البيانات الباردة. فالمطلوب اليوم محاكمة علنية للمتورطين في تمويل وإدارة هذه الحرب القذرة، وفتح ملفات الإمارات وغيرها من الدول التي تقف وراء هذا النزيف.
إن التاريخ لن يرحم المتقاعسين، والإنسانية ستكتب بأحرف دامغة أنّ السودان وقف وحيداً في مواجهة مؤامرة عالمية، بينما كانت العدالة الدولية تتفرج.