✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ تغير العقلية التعليمية في السودان

في ظل التطور العلمي الذي يشهده العالم والقفزه العالية في النمط التعليمي حيث تغيرت العقليه العلميه نتيجه التطور التكنولوجيا حيث ظهرت علوم اخري مثل الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني والطاقة المتجدده و علوم عديده لا نستطيع حصرها الان بالمقابل يظل التعليم هو مفتاح النهضه لكل دولة تريد ان ترتقي بالأجيال لابد من مواكبة وفي ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها السودان، يظل التعليم هو المفتاح الحقيقي للنهوض وبناء المستقبل. لكن المشكلة ليست فقط في المناهج أو البنية التحتية، بل في العقلية التعليمية ذاتها؛ تلك النظرة التقليدية التي تكتفي بالتلقين والحفظ وتخريج أجيال تبحث عن وظيفة بدلاً من صناعة الفرص. اليوم، ومع التحولات التي فرضتها الحرب وحاجة الوطن لإعادة الإعمار، أصبح من الضروري إحداث تغيير جذري في طريقة التفكير داخل المنظومة التعليمية، لتتحول من تعليم يستهلك الطاقات إلى تعليم يصنع العقول القادرة على الإبداع والتغيير.
التعليم في السودان يمر بمرحلة حرجة تتطلب وقفة صادقة وشجاعة. فالعقلية التعليمية السائدة، التي ورثناها عبر عقود، اعتمدت على الحفظ والتلقين وأهملت التفكير النقدي والإبداع، فكانت النتيجة أجيالاً تحمل الشهادات لكنها تفتقر للمهارات الحقيقية التي يحتاجها سوق العمل وحياة الواقع. ومع ما خلفته الحرب من دمار في البنية التحتية وتشويه في النسيج الاجتماعي، صار من الملح أن نعيد صياغة فلسفة التعليم من جذورها. نحن بحاجة لعقلية تعليمية جديدة تزرع في الطالب حب البحث، والقدرة على الابتكار، وروح المبادرة، وتربط المعرفة بواقع السودان وتحدياته، حتى يتحول التعليم من مجرد مرحلة دراسية إلى مشروع وطني لإعادة البناء والنهوض.
إن تغيير العقلية التعليمية في السودان ليس رفاهية فكرية، بل هو ضرورة وجودية لمستقبل الوطن. فالتعليم هو مصنع العقول، وإذا بقي على نهجه التقليدي فلن نحصد سوى مزيد من التراجع. أما إذا تحلينا بالشجاعة لإعادة صياغته على أسس الإبداع، وربطه بواقعنا واحتياجاتنا، فسننجح في تخريج جيل قادر على البناء، والعمل، وصناعة الحلول. فلنجعل من مدارسنا وجامعاتنا منصات لإطلاق الطاقات، لا مقاعد انتظار للوظائف، ولنعمل جميعاً – حكومة، ومجتمع، وأسر – من أجل تعليم ينهض بالسودان ويعيد له مكانته بين الأمم.