رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

✍ الركابي حسن يعقوب : الهجوم رقم 227

بالأمس كان الهجوم هو السابع والعشرون بعد المائتين الذي تشنه ميليشيا الدعم السريع الإرهابية على مدينة الفاشر في سلسلة محاولات فاشلة لإقتحام المدينة والسيطرة عليها لكنها ردت كلها على أعقابها.

إنه آخر ورقة في حوزة ميليشيا الدعم السريع وراعيها الإقليمي وظهيرهما السياسي مقصوم الظهر لتحقيق الأهداف التي من أجلها أضرموا نار الحرب منتصف أبريل من العام 2023 وظنوا حينها أن (العملية) ستكون (خاطفة) لن تلبث إلا ساعة من نهار ثم يستوي كبيرهم حميدتي على كرسي الرئاسة، ويعود حمدوك رئيساََ للوزراء، ويعود (ندماء) المزرعة وربائب السفارات إلى مفاصل الحكم يعيثون فيها فساداََ وإفساداََ نيابة عن سادتهم الأجانب.

هذا كان حلمهم وهم يقرعون الكؤوس ويتعاطون أنخاب العشاء الأخير في آخر (قعدة) جمعتهم قبل يوم (سبتهم) ولكن كانت إرادة الله التي لم يأخذونها في حسبانهم غالبة، أرادت مشيئة الله غير ما كانوا يريدون وافتضح أمرهم وانكشف تآمرهم وخابت آمالهم وتبددت مخططاتهم وغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين.

وبعد أن كان حلمهم الاستيلاء على السلطة وحكم السودان كله، تضاءل الآن الحلم تحت وطأة الهزائم المتتابعة وتحول إلى وهْم بالاستيلاء على الفاشر، أصبحت الفاشر آخر أمل للميليشيا ورعاتها الاقليميين لإقامة (الهيكل) فيها، هيكل لسلطة ودولة مفترضة لا وجود لها إلا في أخيلتهم المريضة.

أعد الجنجويد وسادتهم العدة لهذا الهجوم لعله يكون الأخير، بدأوه بقصف مكثف وحشدوا له ما تبقى من قواتهم من موقوذة ومتردية ونطيحة من قوات الطاهر حجر والهادي إدريس وما جلبوه من مرتزقة أجانب يقاتلون بالأجر بلا (غبينة) في أرض لم يطئوها من قبل، ولا يعرفون مضاربها وأصقاعها يستمدون معنوياتهم وطاقتهم القتالية مما يتعاطونه من مخدرات ومسكرات جاءوا بها ضمن (التعيينات) فكان أن حصدتهم نيران القوات المسلحة والمشتركة والمستنفرين وأبطال المقاومة الشعبية.

الهجوم 227 على الفاشر يعتبر هو الأعنف من نوعه والأكثر عدة وعتاداََ و تم على ثلاثة محاور بأكثر من 540 سيارة مجهزة بأطقم قتالية حديثة تسندها مسيرات إستراتيجية غطت سماء الفاشر على مدار 24 ساعة تقوم بمهام الاستطلاع ونقل الإحداثيات وتحديد مواقع تمركزات الجيش والقوات المساندة له.

هذا الإعداد الكبير لهذا الهجوم مؤشر ودليل واضح على أن الميليشيا الإرهابية ورعاتها الاقليميين أرادوا له أن يكون الأخير والمتوج لما سبقه من هجمات بنصر يجعل الفاشر تحت قبضتهم ويمهد الطريق لفرض سيطرتهم على إقليم دارفور ومن ثم إعلان دولتهم المزعومة.

لكن أسود القوات المسلحة وفرسان المشتركة والمستنفرين الأبطال حالوا بينهم وبين ما يشتهون وحصدوهم حصداََ في ملحمة (فاشرية) مشهودة، شارك فيها الجميع حتى النساء لم يفتهن هذا الشرف فتقدمن الصفوف ببسالة نادرة يقاتلن بلا خوف ولا جزع فوقع أكثر من 250 هالكاََ من الجنجويد والمرتزقة الأجانب، وتم حرق 16 عربة قتالية، واستلام (حي) لأكثر من 30 عربة مقاتلة من بينها عربات مصفحة خاصة بالقادة الميدانيين الذين فر بعضهم نجاةََ بأنفسهم، وبعضهم سقطوا صرعى وهم في (وضع) الفرار ويا له من خزي وعار.

حدث هذا النصر رغم طول أمد الحصار وما ترتب عليه من نقص في الإمداد وشح في المؤن والغذاء، ورغم إستمرار القصف المدفعي على المدينة، ولكن كان مقابل هذا النقص في المؤن كمال في العزائم والهمم والإيمان بنصر الله ترسخ في نفوس أهالي المدينة ومغاوير الجيش والمشتركة وبقية الأسود الكواسر.

ما هزم باطل حق أبداََ، باتت الفاشر بالأمس وهي تتوشح بوشاح النصر وتزينها الفرحة بهذا الفوز العظيم، وباتت عواصم الغدر والخيانة والعمالة والارتزاق وهي تلعق جراحها وتجرجر أذيال الهزيمة وتذرف الدموع على قتلاها ويقتلها اليأس والقنوط فقد أنفقوا أموالهم فكانت عليهم حسرة ضاعت أموالهم سدى وضاعت معها آمالهم وأحلامهم لم ينالوا خيراً.

وصدق من سمى الفاشر (شنب الأسد)، فهي كذلك بالفعل وقد أثبتت ذلك بالأمس (بيان بالعمل)، أرادت الميليشيا ومرتزقتها أن (تهابش) الأسد في (شنباتو) فكانت النتيجة تلك (المهلكة) الكبيرة..

وصدق من سمى الفاشر (أدّاب العاصي)، فقد أدّبت الميليشيا ومن معهم من التبع والمرتزقة العصاة أشد تأديب. وزادت على ذلك أن جعلت أمامهم خيارين إثنين أحلاهما مر..

فإما يستمرون في إلقاء أنفسهم إلى التهلكة بإعادة الكرّة مرة أخرى والوقوع في المحرقة..

وإما الاستسلام ورفع الراية البيضاء طلباََ للنجاة في معركة كانت للنساء فيها بطولات..

وكتاب التاريخ حاضر ولا يرحم..