✍ أحلام محمد الفكي : الخرطوم تعود للحياة ؛ أسواق تنبض وأفراح العيد المئوي للجيش تُزهر
في قلب العاصمة الخرطوم حيث كانت أصوات المدافع والرصاص ترسم لوحة من الدمار، تشرق شمس الأمل من جديد. نبضٌ خافتٌ بدأ يدب في شرايين المدينة، معلناً عن بداية فصلٍ جديدٍ من الصمود والإصرار. إنها ليست مجرد أخبار عابرة، بل هي قصة شعبٍ يأبى الانكسار، ومدينةٍ ترفض الاستسلام لليأس.
لقد أعلنت سلطات الخرطوم عن قرارٍ يحمل في طياته الكثير من التفاؤل: إعادة تشغيل السوق المحلي بالخرطوم، القطاع الغربي. هذا السوق الذي يمثل شريان الحياة الاقتصادية، وبورصة السلع الغذائية التي تغذي كل ولايات السودان، يعود اليوم ليفتح أبوابه من جديد. هذا القرار ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل هو رمزٌ قويٌ على أن الحياة أقوى من الموت، وأن الإرادة أقوى من الخراب.
تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع مناسبةٍ وطنيةٍ عظيمة: العيد المئوي للجيش السوداني. هذا الجيش الذي حمى الوطن وقدم التضحيات، يستحق أن يرى ثمرة تضحياته في عودة الحياة إلى طبيعتها. الاحتفال بعيد الجيش ليس مجرد استعراض عسكري، بل هو تأكيدٌ على أن الأمن والاستقرار هما أساس التنمية والازدهار.
إن إعادة تشغيل السوق المحلي لم تكن بالأمر السهل. لقد عملت السلطات المحلية على إزالة أنقاض الحرب، وتنظيف الشوارع من الركام والنفايات، وإصلاح البنية التحتية. هذه الجهود الجبارة تعكس عزيمةً لا تلين وإصراراً على إعادة بناء ما دمرته الحرب. إن افتتاح أكثر من مائة محل في المرحلة الأولى، وافتتاح فرع بنك أمدرمان الوطني، هو بدايةٌ قويةٌ لمسيرةٍ طويلةٍ من التعافي.
وهل يعني أن الإعمار قد أصبح حقيقةً ماثلة؟
ربما يكون الوقت مبكراً للإجابة بنعم قاطعة، ولكن ما لا شك فيه هو أن هذه الخطوات تمثل بداية الطريق الصحيح. إنها بصيص أملٍ يضيء الظلام، ورسالةٌ للعالم بأن السودان قادرٌ على النهوض من كبوته.
هذه ليست نهاية القصة، بل هي فصلٌ جديدٌ من فصول ملحمة الصمود السوداني.
إنها دعوةٌ للجميع، مواطنين وتجاراً ومؤسسات، للمشاركة في بناء المستقبل. إنها فرصةٌ لنؤكد أن الخرطوم ستعود أجمل وأقوى مما كانت عليه، وأن شعبها لن ينسى من وقف معها في محنتها، ولن يتوانى عن بناء وطنٍ يستحقه.
المجد والخلود لشهداء الوطن ..والنصر الكامل لقواتنا المسلحة بإذن الله .
