✍ أحلام محمد الفكي : من رماد الحرب ؛ السودان ينتفض لينتج ويصمد

في لحظة فارقة من تاريخ السودان، تنهض المدن واحدة تلو الأخرى، رافعةً شعار الإنتاج، ومعلنةً أن الأمل لا يزال حيًا في قلب هذا الوطن الجريح. من القضارف إلى كسلا، ومن كريمة إلى دنقلا، تتوالى المبادرات التي تؤكد أن السودان لم ولن يسقط، بل يستعد للانطلاقة.
"صُنع في القضارف"... بداية تُبشّر بالكثير
افتتح والي ولاية القضارف المكلّف، الفريق الركن محمد أحمد حسن، يوم أمس، فعاليات معرض "صُنع في القضارف" في نسخته الأولى. شارك في المعرض عدد واسع من الشركات والمصانع ورجال الأعمال، بحضور عدد من الجهات الرسمية والأمنية، مقدمًا صورة مشرقة للقدرات الصناعية في الولاية. تنوعت الأجنحة بين الصناعات الغذائية والتحويلية، الملبوسات، الكيماويات، المنتجات اليدوية، والهندسية.
أكد الوالي في كلمته أهمية التوسع في هذه الصناعات، وضرورة طرق أبواب التصدير، وتحقيق قيمة مضافة للمنتجات المحلية، بما يفتح آفاقًا أرحب للاقتصاد السوداني. وثمّن الجهود الكبيرة التي بذلتها الشركات ورجال الأعمال في دعم وإنجاح هذا العمل الوطني، مشيدًا بالتنسيق المحكم مع الجهات الأمنية والمخابرات العامة بالولاية.
نعم المدن تنتج... المدن تنتظر
ليست القضارف وحدها من تعلن عن نفسها؛ فها هي كسلا، وكريمة، ودنقلا، ومدني، وبورتسودان، وعطبرة، والدامر، وسنار، وأبوحمد... مدن تنتج وتنتظر. مدن غنية بمواردها وثرواتها، والأهم من ذلك، بأهلها القادرين على صناعة الفارق. كل مدينة اليوم يمكن أن ترفع شعار:
"صُنع في السودان"
"صُنع في القضارف"
"صُنع في كريمة"
"صُنع في كسلا"
وغيرها من المدن التي لم تزل تقف، رغم الحرب، لتقول: نحن قادرون على البناء... نحن أهلٌ للاستثمار.
ما يمتلكه السودان من أراضٍ خصبة، ومياه وفيرة، ومعادن، وثروات حيوانية، وسياحة طبيعية وثقافية، يجعله واحدًا من أغنى البلدان بالفرص الحقيقية. واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج السودان إلى شراكات استثمارية صادقة، تنهض بالمناطق وتسند الدولة وتربح المستثمر.
نعم، الحرب أوجعت السودان، لكنها لم تقهره.
الماضي القريب والبعيد مليء بالنماذج لدول نهضت بعد دمار شامل. وها هو السودان ينفض غبار الحرب، ويبدأ من حيث توقف، بعزيمة أبنائه وإيمانهم بأن العمل والإنتاج هما طريق النجاة.
"صُنع في السودان" ليست مجرد حملة، بل رؤية استراتيجية تعزز الإنتاج المحلي وتستهدف التصدير للأسواق الإقليمية والدولية. ومعرض "صُنع في القضارف" هو أول الغيث، والبقية تأتي بإذن الله، من ولايات أخرى تستعد وتخطط وتنتظر الدعم والشراكة.
في لحظة اليأس، تخرج المعجزات من رحم العزيمة. والسودان اليوم يفتح أبوابه لكل من يحمل فكرة، مشروعًا، أو رغبة في الاستثمار. فالبلاد بخير، وأهلها بخير، وبعزيمتهم يُصنع المجد وتُبنى الدولة.
نعم، السودان في انتظار استثمار حقيقي... يسند الوطن ويُربح المستثمر. وما التوفيق إلا من عند الله.