✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ ثقافة الانضباط لسودان جديد

يعيش السودان اليوم على أعتاب مرحلة فاصلة في تاريخه، مرحلة تتطلب تجاوز الماضي بكل جراحاته والتطلع إلى مستقبل تسوده المسؤولية والجدية. ومن أهم القيم التي يجب أن يتبناها الشعب السوداني في رحلته نحو البناء هي ثقافة الانضباط، لأنها تمثل حجر الزاوية لأي نهضة حقيقية.
فالانضباط لا يعني فقط الالتزام بالقوانين أو الأوامر، بل يتجاوز ذلك ليصبح سلوكًا يوميًا ينظم حياة الفرد والمجتمع. يبدأ الانضباط من احترام الوقت، مرورًا بأداء العمل بإخلاص، وصولًا إلى الالتزام بالقيم الأخلاقية التي تحافظ على تماسك المجتمع. وعندما يتعلم المواطن السوداني أن وقته هو ثروته، وأن أداءه لواجباته بجدية هو طريقه للتقدم، يصبح الانضباط عادة راسخة وليست مجرد تعليمات عابرة.
كما أن الانضباط المؤسسي والمالي يشكلان ركيزة لبناء دولة قوية، حيث تُدار المؤسسات وفق قوانين واضحة، وتُصرف الموارد بشفافية بعيدًا عن الفساد والمحسوبية. بذلك فقط يمكن للسودان الجديد أن يؤسس لمجتمع يسوده العدل والاحترام، ويُعيد الثقة بين المواطن والدولة.
إن ثقافة الانضباط هي طريقنا لبناء مواطن مسؤول، ومؤسسات فعّالة، واقتصاد منتج. وهي المفتاح الحقيقي لنهضة السودان بعد سنوات الحرب والمعاناة. فإذا أردنا سودانًا جديدًا يليق بتضحيات شعبه، فلا بد أن نجعل الانضباط سلوكًا عامًا، وروحًا حية، وثقافة يومية تترسخ في كل بيت ومدرسة ومؤسسة.لتطبيق ثقافة الانضباط بعد الحرب، يجب أن نبدأ من الفرد ثم المجتمع بالالتزام بالقوانين، واحترام الوقت، وتحمل المسؤولية، وغرس قيم الصدق والاجتهاد في العمل والتعليم. الانضباط يصبح قاعدة للسلوك اليومي، مما يبني مجتمعًا منظمًا وقويًا قادرًا على إعادة البناء والنهوض بالسودان. سودان مابعدالحرب اقوي واجمل